للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسَ دفعاتِ في النهارِ والليلِ، فلمْ يفعل إلا هذه الأفعالَ المَخصوصةَ، وفي هذا جواب عن مطالبتهم بالنقلِ، وجواب عن تكلفهِم نقلَ اللغةِ بالآي والأشعارِ، لأنَّ ذلك يدلُّ على الوضعِ اللغوي، ولم ننكرهُ، وكيف نُنكِرُ الوضع ونحنُ ندَّعي النقلَ، وهل النقلُ إلا فرعٌ للوضعِ.

وأمَّا إنكارُهم تغييرَ الوضعِ، فذلك دأْبُ القومِ في مجازاتِهم واستعاراتِهم، نقلُ اسمٍ إلى مسمّى غيرِ ما وُضِعَ له الاسمُ، فما جاءَهم إلا بما هو عادتهم في مواضعتِهم، ولا يُشبه ما ذكروه من خطابِه بالقتلِ يريدُ الجلدَ، وبالصومِ يريدُ الأكلَ، لانه لم يَسْبِقْ منه وضْع قبلَ خطابه، وهنا سبقَ منه الأمرُ بالصلاةِ، ولم يؤخر بيانَ ما أمرَ به منها حتى صار البيانُ وضعاً منه، فَوِزانه أن ينقلَ أسماء ممّا ذكرت، فلا يمنعُ من أن ينتقلَ المرادُ من الوضعِ الأول إلى الوضعِ الثاني، وطلبُ التواترِ وكشفُ النقلِ فلا يلزمُ أكثرَ ممَّا نقلنا، لأنَّ حجتَهُ عليه السلام كانت ظاهرةً ولم ينقل نَسْخُها (١)، والأذان كذلك، وقنعَ في نقلِ القِبلةِ بالواحدِ ينادي أهلَ قباء: ألا إنَّ القِبلةَ قد حُوِّلت (٢)، وقنعَ في تبليغِ الشَّرع


(١) في الأصل: "فحسبها".
(٢) رود هذا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: بينما الناس بقباءَ، في صلاة الصبح إذ جاءهم آت، فقال لهم: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُنزلَ عليه الليلة قراَن، وقد أُمِرَ أن يستقبلَ الكعبةَ فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى ألشام، فاستداروا إلى الكعبة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>