للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دواعي النفوس، ومعدولٌ بالمتعبَّدِ بها عن سَمْتِ العادةِ، وما كانَ بهذهِ الصِّفةِ، لم يَجُزْ أنْ يكونَ فعلُه إباحةً وإطلاقاً، بخلافِ ما تميلُ النفوسُ إليه، وتقومُ به، فإن أوَّلَ وهلاتِ الإنعام به: الإطلاقُ في تناولِه، والمتعةُ بهِ.

فصل

في شُبَه الحاملين لأفعالِه - صلى الله عليه وسلم - على النَّدْبِ، دونَ الإيجابِ

فمن ذلك: قولهم: إنَّ اللهَ سبحانَه جعلَ التأسي بأفعالِ رسولِه حسنةً، فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]، ولم يقرن (١) ذلكَ بلفظ إيجاب، بأنْ يقولَ: عليكم، ولا بوعيدٍ على تركِ التأسي، فدلَّ (٢) تحسينُه له، ومدحُه عليه، على الندبِ؛ لأنَّ المندوبَ (٣) هو الذي يُثابُ على فعلِه، ولا يعاقبُ على تركِه.

ومن ذلك: أنَّ الندبَ أدنى المراتب في باب الاستدعاءِ والطلبِ والتقرب، وأدنى طرقِ الاستدعاء للفِعْلِ؛ إذَ لا (٤) صيغةَ له، ولا يُصرِّحُ بالطلبِ كما يُصرِّحُ القولُ، فوجبَ أن لا يُرْتَقَى به (٥) إلى الإيجابِ -وهو الأعلى- إلا بدلالةٍ؛ لأنّه هو المُتيقَّن، فصارَ كلفظِ


(١) في الأصل: "يفرق".
(٢) في الأصل: "فدل على"، والأولى حذف لفظة: "على".
(٣) في الأصل: "الندوب".
(٤) قوله. "إذ لا"، رسمت في الأصل: "أحلا".
(٥) في الأصل: "منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>