للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دولةٍ، ومَنْ عرف السَّبرَ كان إلى نظر نفسه أميل، وبه أوثق من الأخبارِ، لما قد تضمنته من الدَّواهي، والانسانُ لايكذب نفسه، ولايألوها نصحاً، وهو من قول غيره على شكِّ أو حُسن ظنٍّ، ومن نَظرَ نفسه عنى تحقيقٍ وقطعٍ.

فصل

يجوز التعبُّد بالقياس في الشَّرعياتِ عقلاً وشرعاً (١). نصَّ عليه أحمدُ فقال: لا يستغى أحد عن القياس، وعلى الحاكم والإمام يَردُ عليه الأمرُ - يعني به حدوثَ الحادثةِ- أن يجمعَ لها النْاسَ، ويَقيسَ، ويشبِّه، كما كتب عمرُ إلى شُريح (٢).

وكلامُ أحمدَ بالعملِ بالقياسِ كثير مبدَّد في المسائلِ التي نقلها عنه الدَّهماءُ من أصحابه، وجميعُ ما حكي عنه من ذمِّ الرأي إنْما أراد به مع معارضة السُّنة له، لَيجتمع قولاه، يوضِّحُ هذا قولُه في روايةِ أبي الحارث: وما نصنعُ بالرأي وفي الحديثِ غُنيةٌ عنه؟ وبهذا قالَ السَّلفُ من الصَّحابةِ والتابعين، وأنه قد وردَ السَّمعُ بذلك، وأكثر الفقهاءِ الأصوليين.

وقال جميعُ الشِّيعةِ وإبراهيمُ النظام وجماعةٌ من المعتزلةِ البغداديين مثل يحيى الاسكافي وجعفر بن مبشر وجعفر بن حرب بإحالةِ ورودِ التعبُّد به، وأنَّ الشَّرعَ قد وردَ بحظرِه ومنعهِ.


(١) انظر "العدة" ٤/ ١٢٨٠.
(٢) تقدم في الصفحة ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>