للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا تَوهُّم منْهم أنّا نقولُ: إنَّ القطعَ يحصلُ لنا بخبر الواحدِ، وليسَ كذاكَ، بلْ نقولُ: إنَّ الإجماع بخبرِ الواحدِ حصلَ لنا ظَنَّا لا قطعاً، وما أجمعوا عليهِ مِنَ الحكمِ يوجب القطعَ إذا ثبتَ بطريقهِ القطعيِّ، أَلاَ ترى أَنَّ خبرَ الواحدِ يَثْبُت به قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سائرِ الأحكامِ، لكنْ لا نقولُ: إنَّ خبرَ الواحدِ معصوم، حيثُ كانَ مستندُهُ روايةً عَنْ معصومٍ، فخبرُ الواحدِ مظنون وأثبتْنا به قولَ المعصومِ، لكنْ ثبوتاً بحَسَبِهِ، وهوَ أَنا نظنُّ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَهُ وحَكَمَ به، فقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في نفسِهِ قول معصومٌ، وخبر مقطوع بصدقِهِ، والطريقُ إلى إثباتِهِ خبرُ واحدٍ مظنون صدقُهُ، غيرُ مقطوع به، وعلى هذا نحنُ نعلمُ أَنَّ الإجماع قطعيّ، ومستندُهُ اجتهادُ الأُمةِ، وذلكَ رأيٌ وهوَ القياسُ، والقياسُ في نفسِهِ مظنونٌ، ونَصوغُه قياساً، فنقولُ: إنَّ الإجماع دلالةٌ قطعيةٌ، أو قول معصوم، فجازَ أنْ يكونَ طريقُ إثباتِهِ خبرَ الواحدِ، كقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولأَنَّ التّاريخَ الذي يترتبُ عليهِ النسخُ في ترتبِ نص على نصِّ يثبت بخبرِ الواحدِ، رتَّبنا على التاريخ الثابتِ بخبرِ الواحدِ النسخَ الذي هو النًصُّ القاطعُ الرافعُ للحكمِ الأوَّلِ، وإن لم يثبتِ النسخُ بخبرِ الواحدِ، فإنا نُثبت الإجماع القاطع بخبرِ الواحدِ، وكذلكَ الإحصانُ يثبت بشهادةِ رجلين، وإن لم يَجُزْ إثباتُ الزِّنى بشهادَةِ رجلينِ.

فصل

إذا حَدَثَت حادثةٌ بحضرةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[و] سكتَ عَنِ الحكمِ فيها، ولم يحكمْ فيها بشيء، قالَ أصحابُنا: يجوز أنْ نحكمَ في نظيرِها باجتهادِنا، وقالَ بعضُ المتكلمينَ: لا يجوزُ الحكمُ في نظيرِها بشيءٍ، بلْ نُمْسِكُ كما

<<  <  ج: ص:  >  >>