وأمَّا إن كانت العادَةُ في استعمال العمومِ، مثل أن يُحرمَ أكلُ الدوابِّ، والدوابُّ في اللغة اسم لكلِّ مادَابَّ، ويكونُ عادةُ الناسِ تخصيصَ الدوالب بالخيل مثلاً، فإنَّا نحملُ الدوابَّ على الخيل". انظر"المسودة": ١٢٣، فيتضح من هذا: أنَّ العادة الفعلية هي التي لا تُخصص العموم، أمَّا العادة القولية فهي تخصِّصه، ولمزيد بيان لهذه المسألة، انظر "العدة" ٢/ ٥٩٣، و"التمهيد" ٢/ ١٥٨، و"شرح الكوكب المنير" ٣/ ٣٨٧. (٢) صورة المسألة: أن يكونَ النبي صلى الله عليه وسلم أوجبَ شيئاً أو أخبر به بلفظ عام، ثمَّ رأينا العادة جاريةً بترك بعضها أو بفعل بعضها، فهل تؤثر تلك العادة في تخصيصِ العام؟ فصَّل العلماء في ذلك: فإن عُلِمَ جريان العادة في زمن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، مع عدم منعه عنها، فيخصّ، والمخصِّص في الحقيقة تقريره عليه الصلاة والسلام. وإن عُلِمَ عدمُ جريانها، بأن كانت عادةَ طارئة، فإنَّها لا تُخصِّص العموم، إلا أن يُجمَع على فعلها فيكون دليلُ التخصيصِ الإجماعَ لا العادة. انظر في ذلك "المحصول" ٣/ ١٣١ - ١٣٢، و"الإحكام" للآمدي ٣/ ٤٨٦، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٩١ - ٣٩٧. و"العقد المنظوم" للقرافي: ٨٧٦ - ٨٨٥.