للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

<رأس>فصل فيما يجبُ صيانةُ الحَدِّ عنه</رأس>

واعلم أنه لا يجوزُ أن تأتيَ في الحدِّ بالمشترَكِ، كقولِك في العلمِ: إدراكٌ، فيدخلَ فيه سائرُ دَرْكِ الحواسِّ، ولا بما لو أسْقَطْتَه لم يَختلَّ الحدُّ؟ لأنه هو الحَشْو، والحدُّ خُلاصةٌ لا تحتملُ الحَشْوَ، مع كونه مَشروطاً بإيجازِ اللَّفْظِ، وذلك مثلُ قولك في حدِّ الإنسانِ: الكاتبُ المتقلِّدُ السَّيْفَ، وفي العلم: الذي لا يتطرقُ عليه شكٌ ولا شُبْهَةٌ، فهذه زيادةٌ في الحد تُنقصُ المحدودَ، فخرجَ بعضُ الناس عن الحَدِّ، وتخرجُ بعضُ العلوم وهي: الاستدلاليَّةُ، وُيخصُّ الحدُّ بعلم الضرورةِ، وعلمِ القديمِ (١) سبحانه.

وليس ذلك في كلِّ زيادةٍ؛ لأنك لو اتَيْتَ بالزِّيادةِ من الأعم، مثل قولِك: جسمٌ منتصبُ القامَةِ ضَحّاكٌ بكاءٌ؛ فإنه لا يَنقصُ، إذ ليس بعضُ الناسِ ليس بجسمٍ، بخلاف قولِك: كاتبٌ؛ لأن بعضَ الناسِ ليس بكاتبٍ، ولو قال: الكاتبُ بالقُوةِ، لم يَفْسُدْ، لكنَه يطولُ، فيخرجُ عن الِإيجازِ.

ولا يجوزُ فيه الإِبهامُ، مثلُ قولِك: وما جرى هذا المَجْرى أو مَجْرى ذلك، وما كان كذلك، حتى تَتبينَ من أيَ وجهٍ يكونُ.


(١) القديم ليس من أسماء الله الحسنى، إنما هو من التسميات التي جرت على ألسنة المتكلمين والفلاسفة، فالقديم في لغة العرب: هو المتقدم على غيره، ولم يستعملوه فيما لم يسبقه عدم، والصواب أن يستعاض عنه بما جاء في قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: ٣]،. فاتباع ما جاءت به الشريعة أولى من اتباع ألفاظ أهل الكلام. خاصة فيما يتعلق بصفات الله سبحانه "شرح العقيدة الطحاوية" ١/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>