للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمضْطَرِّ، والتحريمِ على غيرِه، وإِباحةِ الأَمَةِ للعبد على كلِّ وجهٍ، وتحريمِها على الحرِّ، وتحريمِ الخمر على غيرِ المُتداوِي بها، أَو الدافع بها التخَنّقَ، ولم يَرِد الشَّرع بقِدمِ شيءٍ وحُدوثِهِ، وإِثباتِ شىءٍ وسَلْبِه، على ماقَدَّمْنا.

فصل

والحقُّ من قولِ المُجتهدِينَ في الفروع في واحدٍ أَيضاً، وعلى ذلك الحقِّ دليلٌ يَجِب على كُلِّ مجتهدٍ طَلَبُه، و [هو] مَن سَلِمَ من العاهات، وسلمت آلات اجتهاده، وأدوات نَظرِه من الآفات، ثمَّ إنه سلم بعد ذَلك من المَيْلِ والهَوى، والعَصبيَّةِ للأَسْلافِ والمتبوعينَ.

نصَّ عليه أَحمدُ في الحديثَيْنِ المُختلفَيْنِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، إِذا أَخَذَ رجلٌ بأَحدِ الحديثيْنِ، وأَخَذَ آخرُ بالحديثِ الآخرِ ضِدَّه، فالحقّ عندَ اللهِ في واحدٍ، وعلى الرَّجلِ أَن يَجْتهِدَ، فهذا نَصٌّ منه على ما ذَكَرْنا.

ويَتخرَّجُ عن صاحبنا روايةٌ: أَن يكونَ الحقُّ في جهاتٍ؛ لأَنهُ قد ثَبَتَ عنه أَنَّهُ كان يَدُلّ ويُرشِدُ المُستَفْتِيَ إلى حِلَقِ المُخالِفينَ، ولا تجوزُ الدَّلالةُ على الخطأِ إِلأ ليُجتنَبَ، فأَمَّا ليُتبعَ فلا؛ ولهذا لا يَجوزُ أَن يَدُلَّ مَنِ اسْتَرشدَه في القِبْلةِ على مَنْ يَغلِبُ على ظَنِّه أنَّه يُرشِدُه إِلى غيرِها، فهذا مَأخذٌ لإِصابةِ كلِّ مجتهدٍ.

فأَمَّا حكمُه بصحَّةِ الصَّلاةِ خلفَهم -وقد نَصَّ عليه في مواضعَ-، فهو مَاخَذٌ بعيدٌ؛ لأَنَّه قد يُحكَمُ بصحَّةِ الصَّلاةِ خلفَ مَن لا تَتحقَّقُ إِصابته؛

<<  <  ج: ص:  >  >>