للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدٍ، بل بُعِثَ إلى الكُل، فلا يُنْكَرُ أن يكونَ الكتابُ الذي جاء به جامعاً للغةِ الكُلِّ، ليكونَ خطاباً للكل وتعجيزاً للكل.

قالوا: ولأنَ النبىِء - صلى الله عليه وسلم - لم يَدعِ أنَّه كلامُه، بل هو كلامُ من أحاط عِلماً باللغاتِ كلَّها، وهو المُنْطِقُ بسائِر اللُّغاتِ، فنظمهُ للغاتٍ عدةٍ، لا يُنْكَرُ في حقَه، وهو مما يَبْعُدُ عن أن يكونَ مِن عنده مع كونهِ لم يُخَالِطْ من أهلِ اللغاتِ إلا العربَ، فالغرابةُ في الألفاظِ، كالغرابةِ في ذكرِ النَّبيين، وقد ضُمَّنَ الكتابُ من النبيين ما لم تعرِفْه العربُ، فإذا ضُمِّنَ من الألفاظِ ما لاتعرِفهُ، دَل على أنه من عندِ من اطلعَ على اللغاتِ كلِّها، كما دَل على أنه من جهةِ العَالمِ بالسير جميعِها، فهذا مؤكدٌ للإعجازِ من هذا الوجهِ، ومُبْعد للتهمةِ عنهُ أنْ يكونَ من عندهِ.

فهذا جملةُ ما عرفنا من شُبَهِهِم.

فصل

يَجْمَعُ الأجْوِبَةَ على مَا ذَكَرُوا

أمَّا الأولْ: فدعواهم وجودَ كلماتٍ من غيرِ العربيةِ، فليس كما ظنوا، بل هي كلماتٌ وافَقَتْها الفُرْسُ والنَّبطُ والرومُ فيها، وكم من كلماتٍ اتفقت فيها اللغاتُ، فلا تُنْسَبُ إلى لغةٍ دون لغة.

من ذلك قولُهم: سِروالٌ مكانَ سَراويل، والفُرْسُ تُسَمِّي السّما، السماءَ لا غير، وقيل: السور اسم تتفقُ فيه اللغاتُ، ويقولونَ بالفارسيةِ: جِراخ مكان سِراج، وكذلك صابون صابونٌ في كلُّ لغةٍ، ويجوزُ أن تكونَ العَربُ سبقتْ إلى ذلك وتَبعَهم الأعاجمُ والهندُ، ولهذا تقولُ العربُ: باذنجان، ويقول الأعاجمُ: بانكان، كأنَه اسم مُغَيَّرٌ عن صيغتهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>