للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواحدِ يخصُّ عُمومَ القرآنِ وإِنْ كان طريقهُ الظنَّ، وطريقُ القرآنِ العِلْمُ والقَطْعُ، لأَنه تناوله بَنصَه.

إِذا ثبتَ هذا، فإنَّ أَصحابَ أَبي حنيفة يقولون: لا يُبْتَدأُ التخصيصُ

بالقياسِ، فإن كانَ العمومُ مخصوصاً بغيرِهِ، خَصَصْناه به.

مثال ذلك: تعليل أَصحابنا وأَصحابِ الشافعيِّ في مسألةِ امرأةِ الصبي إذا مات وهي حاملٌ: أنها تعتد بالَأشهر دون الحَملِ، لأَنَّ هذا الحَمْلَ مَنْفيّ عنه قَطْعاً ويقيناً، فلم يُعْتَدَّ به، كما لو حَدَثَ بعد مَوْتِهِ.

فقال أَصحابُ أَبي حنيفة: هذا القياسُ يخصُّ عُمومَ القُرآنِ، وهو

قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]

فلا يُصْرَف عن ظاهرِهِ بالقياس.

ووَجْهُ ما ذكرْناه: أَنّه لا فَرْقَ في تَخْصيص العُموم بين ابتداءِ التَخْصيصِ وثانيهِ، لأنَّ للفْظِ المخصوصِ دلالةً فيما لم يُخصّ، كما أن لِلَّفظ في الابتداءِ في الكُلِّ. لا يُخالفُ أَبو حنيفةَ في ذلك وإِنَّما عيسى بن أَبان (١) يقولُ: إِذا خُصَ بطلت دلالتُه، فلا معنى لما ذكروه، وعلى أَنه في هذه الآيةِ قد خُصت في الحَمْلِ الحادثِ بعد الموت.

فصل

وأما إنْ عارضَ بعلةٍ نُظرَتْ: فان كانت من غير أَصلِه، مثل أَن يقولَ الحنبليُّ أَو الشافعي في إزالةِ النجاسةِ: إنَّها طهارة فلا تصحُ بالخَلِّ، كالوضوءِ.

فيعارضه السائل؛ بأنها عين يزول حكمها بالماء، فوجب أن تزول بالخل، حَالطيب على توب المحرم.


(١) هو عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى القاضي، الفقيه الحنفي، توفي بالبصرة سنة (٢٢١). انظر "الجواهر المضية" ٢/ ٦٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>