للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قولُهم: إنَّ طلبَ العصمةِ يزيلُ رخصةَ الاجتهادِ، فلا فائدةَ في

طلبِ معصومٍ بعدَهُ - صلى الله عليه وسلم - ينقطعُ مَعَهُ الاجتهادُ، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يمنعْ

وجودُه الاجتهادَ، بلْ أَقَرَّ على الاجتهادِ معَ وجودِهِ، بدليلِ قولِهِ لمعاذٍ: "فإنْ لم تجدْ (١)؟ " قالَ: أجتهدُ رأيي، فحمدَ الله على توفيقِهِ. ولم يوقِفِ القضايا والأحكامَ على مكاتبتِهِ وسؤالِهِ، وليسَ في إثباتِ الإجماع ما يضيّق على المكلفينَ، ولا يمنعُ اجتهادَ المجتهدينَ، لا سيَّما معَ اعتبارِنا انقراضَ العصرِ فِى حصولِ الإجماع، فإنَّهُ زمان يتعسعُ لاجتهادِ أَهلِهِ إلى حينِ انقراضِهمْ، وإنَّما نَمْنَغ الخلافَ كما مَنَعْنا اجتهادَ المخالفِ نصَّ الرَّسولِ، ولم نَمْنَعْ مِنَ الاجتهادِ فيما لم يوجدْ فيه نصٌّ مِنَ الرَّسولِ.

وأمَّا قولُ الشِّيعةِ: إنَنا قائلونَ بذلكَ بإثباتِ الإمامِ المعصومِ، فأَغْنانا إثباتهُ عَنِ الإجماع؛ فإِنهُ إثباتُ معصومٍ لم تقمِ الدَّلالةُ على عصمتِهِ، والإجماعُ قدْ قامتِ الدّلالةُ [عليه] بما ذكرْنا، ولأَننا إِنَّما دَلَّلْنا على إثباتِ معصومٍ في الجملةِ على مَنْ لم يُثبتْ معصوماً من إمامٍ ولا غيرِهِ، فأمَّا الشِّيعة فإنَّ كلامَنا مَعَهم ودلالتَنا عليهم في عينِ المعصومِ، وليسَ هذا موضِعَة.

فصل

في جمع شُبَههم

فمنها: قولُهُ تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] وهذا يمنعُ مِنْ أَنْ نكونَ محتاجِينَ إلى الإجماع.


(١) تقدم تخريجه ٢/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>