للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجماعهم المبتدأ بأَوْلَى من صرفِه عن الثاني، بل الثاني هو المتخمِّرُ الذي تَحقَّقَ بطول المُهْلةِ، وجَوْدة التأمُّل، والمتحقِّقُ أبداً هو الثاني دون البادِئ.

وأمَّا قياسُهم المجرَّد وقولُهم: اتفاقُ فقهاء العصر أَشبه ما بعدَ انقِراضِه، فليس تَعلّقُك باتفاقهم الأَوَّل بأَوْلَى من تَعلُّقِنا باتفاقهم الثاني، فنقول: اتفق علماء العصرِ على حكمِ الحادثةِ فكان التعويلُ عليهِ، أو فكان حجّةً معصومةً، أَو حجّةً مقطوعاً بها كالاتفاق الأول (٣ قد وُقِفَ عليه وبَقي مدةً١)، ثم بان للثاني رأي حَتْم بعد التخمير وطولِ البحثِ والجِدِّ والتشميرِ.

وأمّا قياسُهم على النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - فقد سَبَقَ الكلامُ عليهِ.

فصلٌ

إذا اختلفتِ الصحابةُ على قولينِ، ثُمَّ أجمعَ التَّابعون على أَحدِ قوليِ الصّحابةِ، لمْ يرتفع الخلافُ، وساغَ لكلِّ مجتهدٍ الذّهابُ إلى القولِ الآخرِ، نصَّ عليه أحمد، وبهذا قالَ أبو الحسنِ الأشعريُّ.

وقالَ أصحابُ أبي حنيفةَ (٢) فيما حكاهُ أبو سفيان، والمعتزلةُ (٣): يرتفعُ الخلافُ، فلا يجوزُ الرّجوعُ إلى القولِ الآخرِ. وإنّما قالوا هذا، إذا كان إجماعُ التابعينَ على أحدِ القولينِ بعدَ انقراضِ أهلِ القولِ الآخرِ.


(١ - ١) طمس في الأصل.
(٢) انظر "أصول السرخسي" ١/ ٣٢٠، و "التقرير والتحبير" ٣/ ٨٨.
(٣) انظر "المعتمد" ٢/ ٤٩٧ - ٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>