الذهبُ الثاني: ردُّوا الأخبارَ صفحاً، وكذبوا رواتها، واتهموهم بأنواع التهمِ؛ إمَّا الوضع والكذب على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أو عدم الضبطِ، أو كُذب لهم ولم يعلموا، ووضع على أسانيدَ صحاح، فاغتروا بذلكَ، وروَوْها منْ غيرِ النظرِ إلى بُعْدِ معانيها عنِ اللهِ سبحانَهُ.
والمذهبُ (١) الثالثُ قالَ: يجبُ قبولُها حيث تلقَّاها أصحابُ الحديثِ بالقبول، ويجبُ تأويلها لنقضها على ما يدفعُها عنْ ظاهرِها، وإنْ كانَ منْ بعيد اللَّغةِ ونادِرِها، وهذا هو اعتقادُنا، ولايختلف العلماء أنّه إذا كانَ طريقُ ذلكَ قطعياً؛ كالوارِد في آيِ القرآنِ منْ ذلكَ، وأخبارِ التواترِ لا تردُّ، بل تُقْبَلُ على مذهبينِ؛ إمَّا التأويل، أوِ الحمل على الظاهِر.
فصل
والدلالةُ على وجوبِ قبولها: أنَّ رواةَ هذهِ الأخبارِ، والمتلقينَ لها بالقبولِ، هُمُ العدولُ الثقاتُ الذينَ رضينا بهم في إشغالِ [الذِّممِ] الخاليةِ من الحقوقِ والأموالِ والديونِ، وأرقنا بهم الدماءَ المحقونةَ، وأبحنا بهم الفروج المعصومةَ، فلا وجهَ لردِّ أخبارِهم مع إمكانِ تأويلِ ما جاؤوا بهِ، وعدم استحالتِهِ التي توجبُ كذبَهم، لاسيَّما وقدْ عضدَ ذلك ما جاءَ في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ ممّا يوجبُ ظاهِرُه التشبيهَ؛ كذكرِ اليدينِ، والوجهِ، والمجئ والإتيانِ، والإقراضِ، معَ وصفِهِ نفسَهُ بأنَّ له كلَّ شىءٍ، [فقال]: