للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر: ٢١]، وإضافةِ المكرِ والاستهزاءِ والأذيةِ إليهِ؛ بقولِه تعالى: {يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٥٧]، وظواهرُ هذه الألفاظِ كلها مستحيلةٌ على اللهِ سبحانَهُ، فحُمِلَت بالتأويلِ (١) على أذيةِ رسولِهِ، والاقتراضِ من الأَغنياءِ منْ خلقِهِ للفقراءِ، فعبَّر عنِ الفقراء بنفسِهِ، وعلى هذا كلّ ما (٢) جاءتِ [به] الأخبارُ مستبعداً (٣) منَ الشرائع وكتبِها ورموزِها ومقدَّراتِها ومحذوفِها وزائدِها، وسرُّ ذلكَ: أنه قصدَ امتحانَ العلماءِ؛ ليجهدوا أنفسَهم باستخراخ التأويلِ الصارفِ لها عَنِ الظواهِر التي تقتضي التشبيهَ بالنُّصوصِ التي في كتبِهِ، وبأدلَّةِ العقولِ التي منحَهم، ولمعنى آخرَ أغمضَ منهُ وأدقَّ، وهو أنَّ الله سبحانَه علمَ أنَّ أكثرَ الناسِ عبدوا المحسوساتِ، وأنِسُوا إليها؛ لمكانِ المجانسةِ في الحدثِ والحسن، فقومٌ عبدوا النجومَ استحساناً لها، ونظراً إليها بعينِ البقاءِ والدوامِ، ثمَّ التّأثيراتِ (٤) على ما توهموهُ منَ الأحكامِ، وأضافوا إلى كلِّ نجمٍ أمراً منَ الأمورِ منَ المنافع والمضارِّ والشرورِ واتفاقِ الأمور، وجعلوا جميعَ ما يحدثُ في العالم السّفليِّ إنَّما بتأثيرٍ عنها، وقومٌ عبدوا النّوَرَ والظلمةَ، وأضافوا الخيرَ إلى النُّورِ، وإلى الظلمةِ المضارَّ والشرورَ، وقومٌ عبدوا الملائكةَ، وقوم عبدوا الأشخاصَ كعيسى وعُزَيرٍ، وقومٌ عبدوا بعضَ البهائمِ كالبقرِ، وقوم عبدوا الديكةَ،


(١) في الأصل: "حملت التأويل".
(٢) في الأصل: "لما".
(٣) في الأصل: "مستبعد".
(٤) في الأصل: "المتاثرات".

<<  <  ج: ص:  >  >>