فمنها: أنَّ أكثرَ ما في هذا: أنَّ الأدلة تغمضُ وتدقُ، وذلكَ لايبيحُ التقليدَ، كما نقولُ في معرفةِ اللهِ سبحانَه، وما يجبُ لَه، وما لا يجوزُ عليهِ، وما يجوزُ عليهِ، وأدلةُ هذا الأصلِ العظيمِ أدقُّ، وما جازَ لأحدٍ أنْ يُقلِّدَ فيه.
ومنها لأبي علي (١): أنَّ ما لا يسوغ فيه الاجتهادُ، ففيه دليلٌ مقطوعٌ به، فلا يجوز التقليدُ فيه؛ كالاعتقاداتِ في مسائلِ الأصولِ.
فصل
في الأَجوبه عن شبههم
أمَّا الأوَّلُ، فإنٌ مسائلَ الأصولِ للعامِّيِّ فيها آلةٌ يتوصلُ بها إلى معرفةِ الأدلةِ التي تخصُّها، وهي العقلُ، وليسَ للعاميِّ آلةُ الاجتهادِ في الأحكامِ؛ لأنَّ الأدلَّةَ فيها مكتسبةٌ ومُقتَبَسَةٌ بالتعليمِ لا بالقريحةِ؛ لأنَّ أكثرَها نُقولٌ تحتاجُ إلى قطع أزمنةٍ يتعطَّلُ فيها المعاش.
وأمَّا ما تعلَّقَ به أبو علي، وقولُه: ما لا يسوغُ مقطوعٌ، لكن دليل المقطوع ليسَ معه آلتُه، والإجماعُ فلا بُدَّ أنْ يستندَ إلى أدلةٍ.