ومن ذلك قولُهم: لو كانَ الوجوبُ متعلِّقاً بالوقتِ الأولِ لما جازَ تأخيرهُ إلى الأوسطِ، ولو تعلَّقَ بالأوسطِ لما جاز تأخيرهُ إلى الأخيرِ، لا إلى بدل، فلما جاز تأخيرُه إلى غير بدلٍ، غلمَ أنه ليس بواجبٍ كسائرِ النوافِل، إذ خصيصةُ النافلةِ ما جاز تركُها لا إلى بَدل.
ومن ذلك: قولُ من ذهبَ إلى أنَّ الوجوبَ يتعلَّقُ بواحدٍ من الأوقاتِ غير معيّن، لأنا وجدناه مخيراً بين فعلها في الوقتِ الأول أو الأوسط أو الآخرِ، وهذه خصيصةُ عدم التعيين، كالمخيرِ في واحدٍ من الأعيان المكفرِ بها، فإنَّه لا يقال: إنَ الواجب معين، كذلك الأوقات هاهنا.
فصل
في جمعِ الأجوبةِ عن شبههم
أمَّا قولُهم: إنَّ الأخيرَ من الأوقات اختَص بالمأثم، وهو خصيصةُ الوجوب، فلا يسلَّم، بل هو خصيصة الوجوب المضيّق، فأمَّا الوجوبُ الموسِّع، فليسَ المأثمُ من علاماتهِ ودلائله، والدليلُ عليه:
أنَّ الديونَ المؤجلة وقضاءَ رمضان واجبان، ولا يأثمُ بتأخيرهِما لكونِ وجوبهما موسعاً، فلأنَه إنما يأثم إذا تركَ الواجبَ إلى غير بدل.
وسنبيّن في جوابهم الثاني أنَّ التركَ هاهُنا إلى بدل، هو العزمُ على الفعلِ في الوقتِ الثاني أو الأخير، على أنَّ وقوفَ المأثمِ [على](١) الوقت الأخير لا يَدُل على اختصاصِ الوجوب به، كما أنَّ فروضَ