للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدلُّ على صحةِ هذا: أننا نجوِّزُ أن يحيلَ بيننا وبين الفعل بعائقِ الموت، والإغماءِ، والجنونِ، فيصير التقديرُ مع هذا التجويز: صلوا عند الزوال إن لم يُعِقْكُمْ عائقٌ، أو يقطعكُم قاطعٌ، فكذلكَ جازَ أن يكونَ فيه تقدير: صلوا ما لم أنسخ.

يوضِّحُ هذا: أنَّ العوائقَ الواقعةَ المُحيلةَ بيْن المكلَّف، وبين إيقاعِ ما أُمِرَ به في الوقتِ الذي أُمِرَ به فيه، إنما تقعُ من جهتهِ سبحانه، فالمرضُ والجنونُ والإغماءُ والموتُ من جهتهِ، كما أن النسخَ من جهتهِ، فإذا كان القولُ المطلق مقدراً بالإيقاعِ ما لم توجدْ إعاقة من جهةِ الآمرِ، كذلك يكونُ معلقاً بأن لا يوجد نسخٌ من جهة الآمر، واذا ثبتَ هذا الأصلُ، كان التقديرُ في العموم الذي تأخر بيانُه وتخصيصه: إن لم أخصَّه، كما يقدَّر هناك: إن لم أنسخه، أو أَعْفُ (١) عنه.

فصل

في جمع شُبههم

فمنها: أن قالوا: إنَّ الخطاب بلفظِ العمومِ، ومرادُ المخاطِب الخصوصُ، وخطابَ الكلِّ بلفظ الكُلِّ، ومرادُه من المخاطبين البعض، والمجمل الذي لا يفيدُ لفظهُ مرادَ المخاطِب، هو خطابٌ (٢) بما لا يُعْقَلُ، لأنَّ العربَ لا تعقلُ الخصوصَ من العموم، ولا التفسيرَ من المجملِ، وخطابُ الإنسانِ بما لا يفهمهُ قبيحٌ، فوجَب أن


(١) في الأصل: "العفو".
(٢) في الأصل: "فقد خاطبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>