للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في حروف شتى

فمنها: (الفاءُ)، وهي للترتيبِ على وجه التعقيبِ؛ لأنها تقعُ للجزاء والجزاءُ لا يقعُ إلا متأخراً عن الشرط.

قال سيبويه (١): إذا قال: رأيتُ زيداً فعمراً، يجب أن تكون رؤيته لعمروٍ عقيبَ رؤيته لزيدٍ (٢).

ومنها: (ثم)، وهو حرف للفصلِ والترتيبِ على وجْهِ التراخي والمهلةِ (٣)، فكأنها تزيدُ على الفاءِ بنوعِ مهلةِ وتَراخٍ، وقد جعل أصحابُنا الدلالةَ على أنَ إمساكَ المُظاهرِ لزوجتِه لا يكون عَوْداً فيما نطق به لمَن (٤) ظاهرَها: قولَه تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣]، فاقتضى ذلك المهلةَ والتراخي، وذلكَ في العزمِ على الوطء، أشبه بإمساكها زوجَة؛ لأن الإمساك يتعقبُ، والعزمَ يتراخى.

ومنها: حرفُ (أو)، وهو إذا دخلَ على الخبرِ اقتضى الشك، مثل قولِ القائِل: رأيت زيداَ مقبلاً، أو عمراً. فيكونُ ذلكَ دليلاَ على شكه في الرؤية لأحدِهما على التعيين والتحقيقِ.

وإذا دخلت على الأمرِ والاستدعاء [اقتضت] (٥) الإباحةَ والإطلاقَ والتخييرَ, فإذا قالَ: كُلْ لحماً أو تمراً، أو اشترِ لي خُبزاً أو لحماً إو ادخُل الدارَ أو المسجد. كان


(١) "الكتاب" ٣/ ٤٣.
(٢) انظر ما تقدم في الصفحة (٧٨) من الجزء الأول.
(٣) خلافاً لأبي عاصم العبادي من الشافعية، ولبعض النحاة، انظر "مغني اللبيب": ١٥٨، و"جمع الجوامع مع شرحه" ١/ ٣٤٥.
(٤) في الأصل: "من".
(٥) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>