للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يَصلُحُ؛ لأن معارِضاً لو عارضَكم بذكرِ ما يُفسدُ به الذي صحَّحتُم، ثم جعلَ إفسادَه دليلَاَ على صحةِ الذي أفسدتُموه ما الذي تَنفصِلونَ به عن معارضتِه؟ فلا مَحِيصَ لهم عن ذلك.

فإن قالوا (١): الذي أفسدناه يَدخلُ فيه كذا وكذا فيُفسدُه، فإذا فسدَ فلا بُد من صحةِ الثاني، فيقالُ لهم (٢): والذي صحَحتُموه يَدخلُ فيه كذا وكذا فيُفسدُه، وإذا فسدَ فلا بُد من صحَّةِ الأولِ.

وبعدُ: فلِمَ كان الأولُ صحيحاً لَما دخلَ في الثاني دونَ أن يكونَ الثاني هو الصحيحَ لمَا دخلَ في الأولِ؟ وكيف صارَ ذِكرُ ما يَدخلُ في الثاني دليلاً على صحةِ الثاني؟

فصل

في القِسْمِيَّةِ (٣)

وذلك كقولِك: لا يخلو المعاقَبُ أن يكونَ مُسِيئاً، أو مُحسِناً، أو لا مُسيئاً ولا مُحسِناً، فإذا بطلَ أن يكونَ لا مُحسناً ولا مُسيئاً، كما بَطَلَ أن يكونَ مُحسِناً، لم يَبْقَ إلا أنه مُسيء، وكذلك المستحِقُّ للذمِّ.

وكذلك المستحِقُّ للحمدِ، لا يخلو من أن يكونَ مُحسِناً أو ليس بمحسنٍ، فإذا بطلَ أن يَستحِق الحمدَ مَنْ ليس بمحسنٍ، وجبَ أن لا يَستحِقَّه إلا مُحسِنٌ.


(١) في الأصل: "قال".
(٢) في الأصل: "له".
(٣) في الأصل: "القسمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>