واجباً فِعلُهُ، بل أقل مراتبهِ الندبُ إلى فعلهِ، فحملناه على أدنى مراتبه، ولم نُرَقِّهِ إلى المرتبةِ العليا إلا بدلالةٍ.
قالوا: وأما قولُكُم: إن كلَّ مُسْتَدعى فِعْلُه، لا يتحقق فعله إلا بترك ضدِّه، فينبغي وجوبُ المُسْتَدعى من حيث وجَبَ تركُ ضده. فليس بصحيحٍ، لأنه ليس كلُّ ضِدٍ يجبُ تَرْكُه عندنا، وانما هو بحكم الفعلِ، فإن دلت الدلالة على وجوب الفعلِ كان تركُ الضد واجباً، وانْ كانَ الفعلُ نَدْباً، كان تركُ الضدِّ الذي لا يمكن الفعلُ إلا بتركه مندوباً بحَسَبِهِ.
وأما إيجابُ الوضعِ للفظِ الإيجاب على مُقْتَضَى العربيةِ، وهو أحسنُ الإِيجاب في نفوس العرب، فنقولَ بموجَبهِ، وأنَّهم وضعُوا لذلكَ: فَرَضْتُ، وأوْجَبتُ، فأمَّا أنْ يَقْتَضِىَ ذلك أنْ يكَون الوضعُ مجردَ لفظةِ الاستدعاءِ، فليس ذلك إلا مُجرد التحكمِ، وإلا فما ادعَيْتَهُ من إجلالِهم وتَنْزيهِهم أنَّ يُنْسَبُوا إلى الأهمال، يزول عنهم، وَيخرجُون عن عُهْدَتِه بوضعِهم لَفْظَةَ الفرضِ والإِيجاب الصريحةِ في ذلك، ويعود السؤال عليك فيقالُ: فيما وضعوه للإيجَابِ غِنى لهم عن أن تُجْعَلَ لفظةُ الاستدعاءِ هي الموضوعةُ للإيجابِ بمجردِها.
فصل
في جمع الأجوبة عن جميع الأسئلة
أما قولُهم: التفرقةُ قد تحصلُ بين الأمرِ والسؤالِ لا من جهةِ الإيجابِ ونَفْي الإيجاب، غير صحيح؛ لأن استواءَهما في نفي الإيجابِ يجعلُهما سواءً في المعنى، والتفرقةُ بين الألفاظِ إنما تقعُ