تشهدُ الفضةُ بذلك، وكُلُّه من طريقِ السمعِ؛ إذ حكمُ الأصلِ وجبَ بالسمعِ، وكذلك إلحاقُ الأشبهِ به.
وقد يعتمدُ في هذا الباب على العِلَّةِ، كالاعتمادِ في تحريم النبيذِ على الشدَّةِ؛ إذ كانت فيه وفيَ الأصلِ المَقيسِ عليه -وهو الخمرُ-، كما يعتمدُ في القياسِ العقليِّ على الجمعِ بعلةٍ تكونُ موجِبة للحكمِ في أحدِ الشِّقَّينِ، فيلزمُ في وجودِها في الشَق الآخرِ وجوبُ الحكمِ أيضاً.
فإذا قيل لي: أَلْحِقْهُ بالأشبهِ به، ثم علمْتُ الأشبهَ به، لم احتجْ إلى أكثرَ من ذلك، وإذا قيل: ألحِقْهُ بالأشبهِ به، ثم لم يظهرْ لي الأشبهُ به، احتجْتُ إلى استخراجِ عِلَةٍ تُوضحُ الأشبهَ به.
فإذا كانتِ العِلةُ منصوصةً أو مفهومةً، فقد كُفِيتُ مُؤنَةَ الاستخراجِ، ووجبَ القياسُ عليها والملازمة لها.
فصل
في القياسِ على أصلِ الفَرْعِ
اعلم أن القياسَ على أصل يجبُ التسليمُ له في كلُّ صناعةٍ إذا صَحَتِ الشهادةُ، وكذلك في المُناظَرَةِ إذا اتَفقَ الخصمانِ عليه، ووقعَ تسليمُ الجَدَلِ فيه، وإنما تكونُ المنازعةُ فيه: أيشهدُ بالحكمِ، أم لا؟ فمن هذا الوجه تَنزِعُ وتَتحقُّقُ المنازعةُ.
وأما القياسُ على فرعٍ -وهو ما لم يُسَلَمْ له أهلُ الصَناعةِ، ولا الخصمانِ في المناظرةِ- فلا يجبُ التَسليمُ له، بل تقعُ المنازعةُ فيه كما تقعُ في شهادتِه حتى يُرَد إلى الأصولِ التي يجبُ التَسليمُ لها.