للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فإن عَلِمَ المكتوبُ إليه أَنَّ هذا كتابُ فلانٍ إليه، جازَ له أَنْ يقولَ: أخبرني فلانٌ، يعني الكاتبَ، ولا يقول: حدَّثني.

فصلٌ

في حجنا على جواز الرّواية بالإجازة والمناولةِ والمكاتبه على

الوجهِ الذي ذكرناه (١)

أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْفذَ. ممكاتَباتِهِ على أيدي أصحابِه إلى أمراءِ الأطرافِ، وملوكِ العربِ، والحُبشانِ، والرومِ، والفرسِ على ما نطقَتْ به السِّيرُ والتواريخُ. فكان قولُهم عنه - صلى الله عليه وسلم -: هذا كتابُهُ، روايةً عنه وإخباراً. بما تَضَمَّنه مِنَ الدِّعايةِ من أحكامِ الإسلامِ.

ومنها أَنَّ أكثرَ ما فيه أنَّه لم يسمعْ منه ما فيهِ من لفظِهِ ولا قرأَهُ على مَنْ أجازَهُ له، ولا مَنْ ناولَهُ، وذلك لا يمنعُ من قولِهِ: حدَّثني وأخبرني، كما لو كان السَّامع هو القارئ للحديث، ثم يجوزُ له أن يقولَ: أخبرنى وحدثني، بقراءتِهِ هو على الشيخ، كذلك هاهنا.

وأمَّا المكاتَبَةُ، فالكتابة حروف يُفهمُ منها مرادُهُ، فهي كاللفظ المسموع.

ومنها: أَنَّ مبنى الأمرِ في الحديثِ على حسنِ الطنِّ، والظاهرُ من المكاتبةِ أنها روايةٌ؛ ولهذا كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مأموراً بالبلاغ فكان يُكاتِبُ، فلو لم يعلمْ أنَّ الكتابةَ بلاغٌ يخرجُ به مِنْ عُهْدةِ الأمرِ، لَمَا أقامَها


(١) انظر "العدة" ٣/ ٩٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>