للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُبْقِيَنا، والبقاء ليس بمعنىً، فقد دَعَوْناه بحال معقولةٍ ليست بمعنىً.

فقالَ المجيبُ: فقد يأمرُنا الله بأن ندومَ على حالِ السكونِ، والدَّوامُ ليس بمعنىً، فقد امِرنا بحال معقوله وليست بمعنىً. وإنما كان هذا إسقاطاً؛ لأن صاحبَ المقالةِ يقولُ: لا بدَّ من أن يتعلَّقَ الأمرُ بغيرِ مأمور به، ويقولُ مع ذلك: أن يكونَ الحيوانُ يَبْقى لابِبَقاءٍ.

فصل

في المعارضِة لإقامةِ الحُجَّةِ

اعلم أن المعارضةَ لإِقامةِ الحُجَّةِ على المَقالةِ لا بُدَّ فيها من تصحيح أحدِ الشَقَّيْنِ أو فسادِه بعد البيانِ للتسويةِ، ليظهرَ من ذلك حالُ الشّقِّ الآخرِ في الصحَّةِ أو الفسادِ، إلا أن يكونَ الخصمُ يوافقُ عليه، فيستغني بموافقتِه عن التعرضِ لتصحيحِه في نفسِه، ويكونُ الكلامُ كلُه إنما هو في التسويةِ بينه وبين الأصلِ الذي قد وافقَ عليه.

مثال ذلك: أن السائلَ إذا قال: ما الدليلُ على أنه لا يكونُ متحركٌ إلا لأجلِ حركةٍ واقعةٍ؟

يقولُ المجيبُ: لأن المسيءَ إنما كان مسيئاً لأجلِ إساءةٍ واقعةٍ؛ إذ المسىءُ إنما يكون مسيئاً [بعد أن كان غيرَ مسيءٍ] (١)، وهو في كلا الحالين موجودٌ عن حادثٍ، فلولا أن هناك حادثاً (٢) غيرَه- هو


(١) زيادة على الأصل يستقيم بها المعنى.
(٢) وردت في الأصل: "حادث".

<<  <  ج: ص:  >  >>