للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمَّا (١) أوجبَ العلم، لم يُعتَبر مع العددِ صفةٌ.

ولأنه يَدْخُلُ برجوعهم الشَّكُّ، وتزولُ غلبة الظن، وما ثبتَ من العلم الضروري لا يتطرقُ عليه الشك والشبهةُ، وهنا لو رجعَ واحد من العدد، لأورثَ شبهة، ولو قابلهم عددٌ مثلهم مخبرون بضِدِّ ما أخبروا به، لوقفَ الدَّسْتُ (٢)، والعلوم الضرورية لا يتطرق الشَك على طرقها المحسوساتِ، وما ثبتَ بأوائلِ العقول في ذلك الخبر الذي أخبروا به، والشهادة التي شهدوا بها، ولم يجب استيفاء العقوبة.

فصلٌ

ولا يعتبر إسلام المخبرين في أخبار التواتر، بناءً على ما قررنا؛ من أن الإحالة للتواطؤ، إنما هي إحالةُ اتفاقِ العددِ الكثيرِ على إتيانِ الكذب، خلافاً لبعض أصحاب الشافعي: يعتبر إسلام المخبرين إن طالَ الزمانُ؛ بحيث يمضي ما حصل التواطؤُ في مثلِه، والمراسلة من بعضهم إلى بعضٍ، وإن لم يَطُلْ ذلك، صحَّ مع كفرهم، ولم يُعتَبْر إسلامُهم (٣).


(١) في الأصل: "لم".
(٢) الدست: فارسي، ويجيء في العربية لمعانٍ، هي: لباس، ووسادة، وحيلة، ودست الشطرنج، وهو المقصود هنا، إذ يقال للمغلوب: تمَّ عليه الدس، وللرابح: ثم له الدست، وإذا توقف اللعب وامتع: وقف الدست.
"قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل": ٢٦ - ٢٧.
(٣) والراجح عند جمهورهم: عدم اعتبار الإسلام لقبول الخبر المتواتر، ويقع العلم بتواتر الكفار.
وعندهم قول ثالث: أنه لا يقع العلم بتواتر الكفار، من غير تفصيل.
انظر "المستصفى" ١/ ١٤٠، و"التبصرة" (٢٩٧)، و"الإحكام" للآمدي ٢/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>