للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيلَ: الأسدُ والسَّبُعُ لم يوضع للتمييزِ بينَ شيئينِ، وإنَّما وُضِعَ أحدهما للجنسِ، والآخرُ للنوعِ الذي تحتَ الجنسِ، وليس كذلكَ لفظ التثنيةِ والجمعِ؛ لأنَّهما وُضعا للتمييزِ بين نوعينِ مختلفينِ من العددِ، فصارا من أسماءِ الحيوانِ، كالأسدِ، والحمارِ, والفرسِ، والنَّمرِ.

يوضِّحُ هذا: أنَّه لو كان هذا قد وُضِعَ كذاك، لقالوا في الكُّلِّ: جمعٌ، وقالوا: تثليثٌ، وتربيعٌ، وتخميسٌ، وتسديسٌ، وتسبيعٌ، ولَما قالوا في الكُليِّ سَبُعٌ، ووضعوا لما تَحته أسدٌ، ونمرٌ, وفهدٌ، وذئبٌ (١).

ومنها: أنَّ من خصائصِ الحقائقِ: أنَّه لا يجوزُنَفي (٢) الموضوع عنها، ومن خصيصةِ المجازِ حُسنُ النفي، فلا يقالُ في النَّهَّاق: ليس بحمارٍ. ويقالُ في الرجلِ البليد: ليس بحمارٍ، لكنَّه إنسانٌ بليدٌ. وفي مسألتنا يحسُنُ أن يقولَ القائلُ من العربِ: ما رأيتُ رجالاً, لكن رأيتُ رجلينِ، كما يحسُنُ أن يقولَ: [ما] (٣) رأيتُ رجلينِ، لكن رأيتُ رجلاً.

ولا خلافَ بيننا وبينَ من خالفنا من أصحابِ الشافعيِّ أنَّه إذا قالَ: له عليَّ دراهمُ. أنَّه يلزمه ثلاثة فصاعداً، حسبَ (٤) ما يُفسِّر، ولو فسَّره بدرهمين؛ لم يقبل، ولو كانَ أقلُّ الجمعِ اثنينِ؛ لقبل منه التفسيرُ بهما (٥).

فصل

في جمع الشُّبهِ التي لهم

فمنها: قوله تعالى لموسى وهارون: {فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)} [الشعراء: ١٥] وأرادَ به: موسى وهارون. وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَينَ


(١) انظر "العدة"٢/ ٦٥٢، و"التبصرة": ١٢٩.
(٢) في "الأصل": "النفي"، والمثبت أنسب للسياق.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) في الأصل: "حسن".
(٥) انظر "العدة" ٢/ ٦٥٢، و"التمهيد" ٢/ ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>