للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإحسانِ، فهذا بحَسَبِ (١) هذا القبيل، ولهذا قالَ العلماءُ منْ أهلِ السنةِ: لا يجبُ على اللهِ شيء لخلقِهِ، إذْ لو وجب عليهِ، لما وجبَ شكرُه؛ كقاضي الدَّيْن، فعلى هذا الأصلِ نبني، وإليهِ نذهبُ، وقالَ الحسنُ بنُ علي وقد سئل: لمَ تُحرِّمُ الزيادةَ في قضاءِ القَرْضِ؟ قالَ: لئلا يصيرَ الإنفاقُ والمكارِمُ تجارةً. فبقصدِ هذا النحوِ فإنه يستحيلُ العنى.

ومنها: أنَّه لو وجبَ الشكرُ على الإحسانِ عقلاً، لوجبتِ العقوبةُ على الإساءةِ عقلاً، ولو وجبَ ذلكَ، لكانَ العفوُ قبيحاً، وفي إجماعِنا على أن العفوَ حَسَن عن المسيءِ، فيجبُ (٢) أنْ لا يكون تركُ الشكرِ قبيحاً، ولو كانَ الشكرُ واجباً، لكانَ تركُه قبيحاً.

فصل

في شُبهِهم

فمنها: أنَّ العقلاَء أجمعوا على إيجابِ برِّ الوالدينِ، وشكرِ الخالقِ، معَ كونِهِ عنِ الشكرِ غنياً، والوالدان أحسنا إشفاقاً وطبعاً، ومداواةً لقلوبِهما منْ ألمِ الرِّقةِ على الأولادِ، والحنوِّ الذي طُبعا عليهِ في أصلِ الإيجادِ.

فيقالُ: إنَّ شكرَ اللهِ وجبَ شرعاً، وإلأَ فما كُنَّا نهتدي إلى أصلِ شكرِهِ، فضلاً عن إيجابِهِ؛ لأنَّنا غاية ما أعطانا العقل منه: أَنه ثابتٌ بحكمِ صناعتِهِ لهذهِ المصنوعاتِ، والعقلُ الذي دلَّنا على أَنْه صانع، أرشدَنا منْهُ


(١) في الأصل: "تحتل".
(٢) في الأصل: "يجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>