للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلُّ، أَثِمُوا كلّهم، وكانوا جاهلينَ كلّهم بحكمِ الحادثةِ إذا حَدَثَت، وكانوا مجمعينَ في تركِهم على ضلالةٍ، وقد أخبرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ أمتَه لا تجتمعُ على ضلالةٍ، وهذا يعمّ الاعتقادَ والفعلَ، فكما لا بُدَّ مِن مُعتقِدٍ للحقِّ في أُمَّتِه، لا بدَّ مِن طالبٍ للحقِّ، وإهمالُ الاجتهادِ ضلالٌ، وليس بحق، وخبرُ النبيِّ لا يقعَ بخلافِ مُخبَرِه.

فصل

في شبههم

فمنها: أنَّ شروطَ الاجتهادِ قد تَعذَّرَتْ؛ إذ كانت علوماً شّتى، بينَ لغةٍ، وعربيةٍ، وحفظِ كتابِ اللهِ، وسنةِ رسولِه، ومعرفةِ أحكامِ القرآنِ، والحديث، والصَّحيح مِنه والفاسدِ، ومعرفةِ الخاصِّ والعامِّ، والناسخ والمنسوخ، والمطلقِ والمقيَّدِ، ثُمَّ يعرفُ القياسَ، وشروطَه، وصحيحَه وفاسدَه، وغيرَ ذلكَ مِن الأدلّةِ، ويضعُها مواضِعَها، وما يناسبُها فيها مِن الأحكامِ ويُلائمُها، وذلك لا يكمُلُ فيه أحد في عصرِنا على حَسَبِ ما نعرفُه مِن علمائِنا، وتقصُّرِهم عن علومِ السَّلفِ.

ومنها: أنْ قالوا: إنَّ العلماءَ اليومَ بينَ محقِّقٍ في النَّظرِ وتشقيقِ المعاني، ليسَ لَه قدم في الكتابِ والسُّنَّةِ، أو محقِّق في الكتابِ والسنة، قاصرٍ (١) في القياس، ولا تجتمع علومُ الاجتهادِ [لأحدٍ]، إلاً ويُقَصِّرُ في بعضٍ إذا تفرَّدَ في بعضٍ، فإنْ بَدَرَ مَن يومأُ إليهِ بالتكافلِ، كانَ فاسقاً بمخالطةِ ظلمةِ السَّلاطينِ، وأكلِ الحرامِ، ولبسِ الحريرِ، وغيرِ ذلك مِن الأسبابِ الموجبةِ


(١) في الأصل: "قاص"

<<  <  ج: ص:  >  >>