للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِشْتُ بأرضٍ لستَ بها يا أبا الحسنِ (١).

وقول عَبيدةَ السَّلْمانيِّ لعلي- رضي الله عنه- لمّا ذكرَ أنّه قدْ تجدَّدَ لَه رأي في بيع امَّهاتِ الأولادِ: رآيكَ معَ الجماعةِ أحبُّ إلينا مِن رأيِك وحدَكَ (٢).

فالقوم لم يكونوا قاطعينَ على الأحكامِ، بلْ ظانينَ بأدلةٍ مظنونة، فلا وجهَ لإكثارِ الرَّدِّ عليهم، والتلويح بِما يقع لغيرِهم مِن دليلٍ عساهُ يعزُبُ عنهم. نعم، وقدْ كانَ يمكنُ إخراجُ القولِ على وجهٍ لا يحصلُ به الافتئاتُ.

ولا يجوزُ أنْ يمَنعَهم القولُ بأنّ كلَّ مجتهدٍ مصيب؛ لأنّ هذهِ مقالة لم تكنْ في زمنِ الصَّحابةِ، وإنّما هو قول حادث، على أنّ مَن ذهبَ إليهِ لا يسكتُ عنْ بيان دلالةٍ، فإنّ من لَه مذهبٌ وسمعَ خلافَهُ، لا يتأتى مِنه السّكوتُ، لا سيِّما مِمَّنْ يُثبِتُ الأشبهَ عند اللهِ سبحانَه.

فصل

في شبهِهم

فمنها: قولُهم: إنّ سكوتَ الباقينَ يجوزُ أنْ يكونَ لأنّهم في مهلةِ النظرِ، ويجوز أنْ يكونَ لاعتقادِهم إصابةَ كلِّ مجتهدٍ، لكونِ الحقِّ عندَهم لا تَتَّحِدُ جهته، ويحتمل أنْ يكونَ تَقيَّةً لبعضِ الولاةِ، أو حشمةً لَه كما


(١) أخرجه بطوله الحاكم ١/ ٤٥٧ وسكت عنه، وقال الذهبي: فيه أبو هارون، ساقط. وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٣/ ١٤٤، والمتقى الهندي في "الكنز": (١٢٥٢١).
(٢) تقدم تخريجه ص ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>