أمّا الاَيةُ، فإنَّها ترجعُ إلى المؤمنينَ مِن علماَءِ الفروع، وهمُ الفقهاءُ، والدلالةُ على تخصيصِها ما ذكرْناهُ مِن الأدلّةِ.
وأمّا قولُه - صلى الله عليه وسلم -:"أمتي لا تجتمعُ على الخطأِ، ولا على ضلالةٍ"، فيَعُمُّ الأمَّةَ، لكن نحملُه على أهلِ الاجتهاد، وهمُ الفقهاءُ، وتخصيصاتُهم بأدلَّتِنا.
وأمّا قولُهم: إنَّ لهم نظراً، واجتهاداً، ومعرفةً بالأدلّةِ، وبناء الأدلَّةِ بعضِها على بعضٍ، فهو صحيحٌ، لكنْ في أصولِ الدينِ، وهي الكلاَمُ على الجوهرِ والعَرَضِ والاستطاعةِ وبناءِ العرضِ ومَثارِه، فأَمّا الفروعُ التي نحنُ فيها، التي مستندُها الأشباهُ، والسُّنَنُ، والمعاني من الآي، وتراجيح أدلَّة الحلالِ والحرامِ وهذا القبيل، فلا معرفةَ لهم بها، بل هم فيها بمنزلةِ العوامِّ، يوضحُ هذا، ويبيِّنُه: أنَّ الفُتيا لا تجوزُ أنْ تصرفَ إلى آحادِهم، فإذا لم يكنْ آحادُهم مِن أهل الاجتهادِ والأستنباطِ، لم تكنْ جملتُهم مِن أهلِ الإجماع، بخلافِ الفقهاءِ، فإنَّ آحادَهم يُرجعُ إليهِ في الفتوى، فَعُوِّلَ على جماعتِهم في الإجماع، وهؤلاءِ لما لم يُعَوَّل على آحادِهم في أَصلِ الفُتيا، لم يُعوَّلْ عليهم في الإجماع.
فصل
إجماعُ أهلِ المدينةِ ليسَ بحجَّةٍ، بل هم وغيرُهم سواء، فمتى اتفقوا على حكمٍ، ثُمَّ خالفَهم غيرُهم، لم يعد معَ مخالفةِ ذلكَ المجتهدِ إجماعاً،