والأمرِ بالإسلام بالواحدِ والاثنين يحملون خطابه وكتابَه، وفيه الدعايةُ إلى الِإسلام، وَإنما لم يَنطبقْ النقلُ على البيانِ بحسب اشتهارِه، لأن الناقلينَ قليلٌ، وكان أكثرُ القوم لا ينقلون، ولهم في الَنقلِ مذاهبُ: فقومٌ لا يَرَوْنَ النقلَ بالمعنى والَلب، فلم تكنْ عادَتهم.
وقوم إذا نُقِلَ إليهم شددوا، حتى إن بعضَهم كان يحلفُ على ما ينقلُ وَيرْوي، فلذلك لم يقعْ اشتهارُ النقل، كاشتهارِ بيانِه - صلى الله عليه وسلم -، وشاهدُ ذلك بيانُ الحج منه على رؤوسِ الأشهادِ، والأذانِ عدةَ دفعاتٍ في الليلِ والنهارِ، وضعفَ النَّقلُ حتى اختلفَ العلماءُ فيه هذا الاختلافَ، ولو طلبنا من النقلِ ما يُوازي المنقولَ في الطهورِ، لوجَب أنْ لا نَقْبَلَ خبرَ الآحادِ في العباداتِ، لاشتهارِها وتكررِها منه - صلى الله عليه وسلم -.
فصل
جامع في المجازاتِ التي سمتها الفقهاءُ المقدرات
يحتاجُ إلى معرفتها، لأنها واردة في الأوامرِ والنواهي، وجميعِ خطابِ الشرعِ من الكتابِ والسنةِ، وهي لائقةٌ بهذا البابِ، وهو بابُ الخطاب.
وهي التعبيرُ عن الأفعالِ بالأعيانِ والأجسام التي يقع فيها، وهي محالٌّ لها، إمَّا إيقاعاً فيها بالأمر، أو تجنباً لها بالَنهي، وذلك مثلُ: قولهِ
= أخرجه مالك في "الموطأ"١/ ١٩٥، وأحمد ٢/ ٢٦ و ١٠٥، والبخاري (٧٢٥١)، ومسلم (٥٢٦)، والترمذي (٣٤١)، والنسائي ٢/ ٦١، والبيهقي ٢/ ٢٦، ١٠٥، والبغوي (٤٤٥)، وابن حبان (١٧١٥).