فمنها: أن الفعل غير مقدور في حال وجوده، ومُحال أمر العبد بما ليس في مقدوره.
وهذا أصل نخالفُهم فيه، وقد استوفاه أصحابُنا ومن وافَقهم في أصلِ الدياناتِ، وأنَ الاستطاعةَ مع الفعلِ، وصحة تكليف ما لا يُطاقُ لعدمِ الاستطاعةِ، ونفي صحته مع الإحالة.
ومنها: انه لو كان مَقدوراً حالَ حدوثه، لكانَ مقدوراً حالَ بقائه، لكونه موجوداً في الحالين؛ أعني حالَ وجودِه وبقائِه.
ومنها: أن مقارنَة الأمرِ للفعلِ في حالِ وقوعهِ تُحيلُ معناه وتُبطلُه؛ لأن فائدته (١) كونُه دلالةً على المأمورِ به، وتمييزه له ليقصِدَ بفعلِه التقربَ، وأن يكون حثاً وترغيباً في الفعل، ومحالٌ ترغيبُ المأمورِ وحثُّه على واقعٍ موجود، وإنما يُرغَبُ فيه قبل إيقاعه ليوقِعَهُ على وجه ما أُمِرَ به، وكذلك مُحالٌ أن يُستدلّ بالأمر على واقعٍ موجودٍ، وإنما يكون دلالةً على أمرٍ يُميزه من غيره من مقدوراتِه ليقصدَ به دون غيرِه، وذلكَ غير مُتأتٍ في الواقعِ الموجودِ.
ومنها أن قالوا: أيُّ فائدةٍ في تعلُّقِ الأمرِ به حالَ وقوعِه؟ وزعموا أنه لا فائدةَ فيه، والأمرُ إذا خلا من فائدةٍ كان لَغواً.