للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضُهم أجاز النسخ في (١) العباداتِ، ومنعه في (١) الأخبار، وبعضُهم أجازَ النسخَ فيهما، أعني: العبادات والأخبار.

فينبغي أن يقع الكلام في فصلين: أحدهما: أن النسخ ليس ببداء، وأنه ليس من ضرورة قولنا بالنسخ؛ أن نكون قائلين بالبداء، و (٢) أن القائل لذلك مُقَصِّرٌ فى النَّظَر (٣)، جاهلٌ بالله سبحانه، وبما يَجوزُ عليه وما لا يَجوزُ.

فصل

فالدلالة على منع القول بالبدَاءِ مع جواز النسخ: هو أن البداء في الحقيقة: هو ما علمه الحيُّ بعد أن لم يكن علمه، من قولهم: بدا لي سور المدينة، قال الله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧)} [الزمر: ٤٧]، {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: ٢٨].

والدلالةُ قد قامَت على كونِ البارىء سبحانه عالمَ الغيبِ والشهادةِ بنصوصِ الكتابِ وأدلة العقول، فقال جلَّ من قائل: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: ٥٩] وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: ٢٢]، وقال سبحانه: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: ٢٨]، {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} [التوبة: ٤٧]


(١) في الأصل: "من".
(٢) في الأصل: "أو".
(٣) هذا هو الفصل الثاني الذي ذكره المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>