للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه قطعٌ، وما أخبرنا به أبو هريرة ظنٌ، ويجوز التعويلُ عليهِ في إخراجِ ركعتين من صلاةِ الظهرِ، وتأخيرِ صومه رمضانَ عن وقتِه، فأكثرُ ما في العمومِ أنه قطعيُّ الطريقِ، وأكثرُ ما في القياسِ أنَه يوجِبُ الظنَّ، فلا نمنعُ من أن نُخرجَ به بعضَ ما شملَه العمومُ.

ومنها: أنَ العمومَ عُرضةُ التخصيصِ والاحتمالِ، والقياسُ حجةٌ لأنه غيرُ محتَملٍ في المعنى المستنبطِ له، وأبداً يقضى بغيرِ المحتَملِ على المحتَملِ كالتفسيرِ مع الإجمال.

وأمَّا الدلالةُ على من أجازَ ذلكَ بالقياسِ الجلي خاصةً من أصحاب الشافعيِّ: أنَ القياسَ الخفيَّ دليلٌ، فكانَ حكمُه حكمَ الجليِّ من جنسِه في تخصيصِ العمومِ، كخبرِ الواحدِ لما كانَ دليلاً، كان حُكمُه حكمَ الجليِّ من جنسِه، وهو المتواترُ الذي ينجلي الحكمُ به.

وأيضاً: فإنَّ الخصوصَ إنما قُدِّمَ على العمومِ؛ لأنه تناولَ الحكمَ بصريحه، وهذا موجودٌ في القياسِ مع العمومِ المبتدأ بالتخصيصِ، وفي العمومِ الذي دخَلَه التخصيصُ.

فصل

يجمع شُبههم فيها

فمنها: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَه قال لمعاذ: "بِمَ تحكم"؟ قال: بكتابِ اللهِ، قال: "فإنْ لم تَجد"؟ قال: بسنَةِ رسولِ الله، قال: "فإن لم تجد"؟ قال: أجتهدُ رأيي ولا آلو (١).

فأقرَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلكَ، وحمِدَ اللهَ على توفيقِه.

فوجْهُ الدلالةِ: أنَّه قدَّمَ السُنَّةَ بأسرِها على قبيلِ الرأي.

فيقالُ: إنَّ ما عارضه القياسُ منَ العمومِ ليسَ بسنةٍ، كما أنَ ما عارضه خصوصُ


(١) تقدم تخريجه ٢/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>