للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى شيخنا في "العُدّة" (١): أنَّ بالثاني من المذهبينِ قال أصحابُ الشافعي.

وذكر أصحابُ الشافعيِّ أنَّ المذهبَ عندهم جوازُ التخصيصِ دونَ المنعِ (٢)، ولم يحكوه مذهباً لأحدٍ من أصحابهم.

فصل

في الدلالة على مذهبنا

قولُه تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]، وهذا يعمُّ بيانَ قولِ الرَّسولِ، وبيانَ كل مُشكِلٍ ومُجْملٍ، إلا ما خصَّه الدليلُ من المتشابه الذي انفردَ بعلمِه، وكلَّفَ الإيمانَ به من غيرِ بيانِ معناه.

ومنها: أنَّ القرآنَ مقطوعٌ به، والسنَّةَ غيرُ مقطوعٍ بها، فإذا جازَ بيانُ القرآنِ بالسنّةِ، فلأنْ يجوزَ بيانُ السنَّةِ- وهي الأضعفُ- بالأقوى أوْلى، ألا ترى أن من جوَّز نسخَ القرآن بالسنَّة كان قائلاً بنسخِ السنّةِ بالقرآنِ من طريق الأولى.

وأيضاً: فإنَّ السنَّةَ وحيُ اللهِ إلى قلبِه - صلى الله عليه وسلم -، والقرآنَ كلامُ الله، ولا يمتنعُ أنْ يقضى بخصوصِ كلامِه على عمومِ كلامِ رسوله الصادرِ عن إلهامه، فهما غيرُ مختلِفَين في المعنى.


(١) ٢/ ٥٧٠.
(٢) نص على ذلك الآمدي في"الإحكام" ٢/ ٤٧٠ حيث قال:
"يجوز تخصيصُ عموم السنَّة بخصوص القرآن عندنا، وعند أكثر الفقهاء والمتكلمين".
وكذلك قال الزركشي في "البحر المحيط" ٣/ ٣٧٩: "يجوز تخصيص خبر الواحد بالقرآن".
فظهر بذلك عدم دقة ما ذكره الإمام أبويعلى في "العدة" من أن الشافعية، لا يقولون بتخصيص عموم السنة بخصوص القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>