للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في جمع الأجوبة عن أسئلتهم

أمَّا دعوى القرائنِ والأدلةِ، فلو كان هناك دلالةٌ أو قرينة لنُقلت كما نُقل الأمر ودعوى القرينةِ للأمرِ للمعدوم، كدعوى القرينةِ للأمر للمخاطَب الموجود.

وأما كونُ العاجزِ يصحّ خطابُه، لكن لا يصحّ امتثاله بما يخاطب به، فصحَ خطابُه معلَّقاً على وجود قدرتهِ على ما أُمرَ به، كذلك المعدومُ يتعلق الخطابُ عليه بشرط وجودهِ.

وأمَّا قولُهم: وفي خطابِ العاجز فائدةُ تَلَقيه للخطابِ بعزمٍ واعتقادٍ، والمعدومُ لا فائدةَ في خطابِه. لا يصحُّ؛ لأنه لو كانت فائدةُ الكلامِ تثبت بسماعِ سامع، لكان كلامُ الطفلِ والمبُرْسَم (١) إذا سمعه العقلاءُ أن يكونَ خارجاً عن الهذيان؛ لأجلِ سماعِ من سمعه، ولأنَّ أهلَ الإثبات مجمعونَ على أنه لا متكلّمَ منا بكلامِ إلا واللهُ سبحانه سامعٌ لكلامِه، فقولُهم: أيُّ كلامِ لم يكن له سامعا لا تقعُ إلا هذياناَ. لا يجدون له أصلاً يستشهدون به، وإذا لم يكن لذلك أصل يُردُّ إليه، فصار ذلك مجرّدَ دعوى بغير دليل.

ولأنَ كلامَ القديمِ سبحانه لا يُطلب له الفوائدُ، إذ ثبت بدليلِ السمعِ والعقلِ أنه صِفةُ القديم [غيرُ مُحدث، وأنه سبحانه لم يزل آمراً، ولا حاضرَ مأمور] ٢).

وأما قولهم: إن [وجود الفائدة ينقل الكلام] ٣) من الهَذيان إلى حَيَّزِ الأحكام؛


(١) هو من أصابته عِلةُ البِرْسام، وهو مرض يصيب الصدر قال الجواليقي: ولعل الأقرب للصواب أن برسام مركبة من "بر" بمعنى الصدر و"ساما" ورم أو مرض. انظر "المعرب": ٩٣، "قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل" ١/ ٢٧٠.
(٢ - ٢) طمسٌ في الأصل، وما بين معقوفين مثبت من "العدة" لأبي يعلى ٢/ ٣٨٨.
(٣ - ٣) طمس في الأصل، وما بين معقوفين مقدر حسب السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>