للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممَّا سألوه على بقيَّة طُرُقِنا في المسألةِ أن قالوا: يجوزُ أن لا يُجعلَ جواباً للشرطِ، ويقتضي الترتيبَ (١كحرفِ (ثمَّ) لا يحسنُ جواباً للشرط ويقتضي الترتيب ١)، إنما لم يجعل الجواب جواباً للشرط.

ومنها: أنَ استعمالها في عدةِ مواضعَ للجمع لا للترتيب (٢) لا يمنع من كونِها موضوعةً للترتيب كحرفِ (ثمَّ)، قد ورد لا بمعنى الترتيب، قال الله سبحانه: {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: ٤٦]، والمرادُ به: واللهُ شهيد، إذ شهادةُ الله لا يتقدمُها شيء، فتَترتب عليه. وقالَ الشاعرُ:

كَهزِّ الرُدَينيَّ تَحتَ العجاجِ ... جَرى في الأنابيبِ ثم اضطَرب (٣)

ومعلومٌ أنَّ الاضطرابَ لا يتأخر عن الاهتزازِ، ولا يترتبُ عليه، وإنَّما أراد به: واضطرب.

فصل

في الجواب عنهما

فالجواب عن الأوَّلِ منهما: أنَّ (ثمَّ) إنما لم يحسُن أن تقَع جواباً للشرطِ؛ لأنها تقتضي المهلةَ والتراخي، ومن حكمِ الجزاءِ أن لا يتأخرَ عن الشرطِ، كما لا يتأخرُ عن


(١ - ١) مكرر في الأصل.
(٢) في الأصل: "لا للجمع للترتيب"، ولعل المثبت هو الصواب.
(٣) البيتُ من قصيدةِ طويلةٍ لأبي دُؤاد الإيادي، وصفَ فيها فرسَه، ومطلعها:
وقد أَغتدي في بياضِ الصَّباح ... وأعجاز ليلٍ مولي الذَنَبْ
بطِرْف يُنازعني رأسُهُ ... سَلوف المقادة محض النسبْ
طواه القنيص وتَعْدَاؤه ... وإرشاش عِطفَيْه حتى شسبْ
كهَز الرُّدَيني بينَ الأكف ... جرى في الأنابيب ثم اضطربْ
وقوله: كهز الرُّديني، أي: اهتز في القياد، وقوله: جرى في الأنابيب أي: جري اهتزازه في أنابيبه. "شرح أبيات مغني اللبيب"، عبد القادر البغدادي: ٣/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>