للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك في المعارَضةِ؛ لأَنَّ الحجَّةَ باقيةٌ بما بقي من الأصولِ ولو أصلٌ واحدٌ.

مثالُ ذلك: أن يستدلَّ أصحابُنا في رواية وأصحابُ الشافعيُّ في نجاسةِ شَعْرِ الميتة، بأَنَّه شعر نابتٌ على ذاتٍ نَجِسَةٍ فكان نجساً، كشَعرِ الكَلْبِ.

فيقول الحنفيُّ: المعنى في الكَلْب أنَّ شَعْرَهُ في حالِ حياتهِ نَجِس، فكان نَجِساً بعد مَوْتِهِ. كان للمسَتدل أنَّ يقولَ: هذه معارضةٌ فاسدةٌ، لأنَّها في بَعْضِ الأَصْلِ، وأَنا قِسْتُ على شَعْرِ الكَلْبِ حالَ حياتهِ وبعد مَوْتِهِ، فإِذا عارضني في بَعْضِ أصلي كان التعليلُ باقياً مُسْتَقِلًا بما بقي لي من الأصْلِ.

فصل

إِذ تعارَضَتْ علَّتان ولم يتوجه على إحداهُما إفسادٌ، وهذا إِنَّما يكونُ في قَوْل مَنْ يعتبرُ جَرَيانَ العلَّةِ وسلامتَها على الأصولِ خاصةً في صحَّتِها. فَأمَّا من اعتبر تأثيرَ العلَّةِ والدلالةَ على صحَّتِها فيقل وُجودُ ذلك. فإِذا تعارَضَت العلَّتان لم يكن بُدٌّ من ترجيحِ إِحداهُما على الأخرى، فيُعملُ بالراجحةِ.

فمِما يُرجَّحُ به: أن تكونَ موافقةً لعمومِ كتاب أو سُنةٍ أو قولِ صحابيٍّ، وذلك مِثل أن يُعَللَ مَنْ قال: أنَّ بَدَلَ العبْدِ تَحْملُه العاقلةُ بأَنه يتعلَّقُ بقتلِه القَصَاصُ والكَفارةُ، فحُمِّلت العاقلة بَدَلَه، كالحُر.

ويُعَقَلُ مَنْ قال: إنَها لا تَحْملُه: بأنَّه مالٌ تَجبُ قيمتُه بالِإتْلافِ فلا تحملُه العاقلةُ، كسائرِ الأَموالِ، فرجح مَن قال بهذا قياسُه بأَنه مُوافق

<<  <  ج: ص:  >  >>