للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك (١)، فلما لم يمنع هذا التجويزُ من (٢) اتباعِه في أقواله، لم يمنع اتباعَهُ في أفعالِه، والله أعلم.

فصْلٌ

وأما القائلون بالإباحة فإن أرادوا بها (٣): الإذنَ السمعي من الله لنا في اتباعِ مثلِ الأفعالِ التي يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذلك باطل؛ لأنه لم يرد سمع: بأنني قد أبحتكم، وأطلقتكم في فعلٍ مثلِ فعله - صلى الله عليه وسلم -، وإن أرادوا بقولِهم (٤): إنَها على الإباحةِ: أن مثلها ليس بمحظورِ علينا، وأنها تفعلُ على حكمِ العقل، فذلكَ صحيح، إلا أن يَنْقُلَ (٥) عن حكمهِ سمعٌ، وقد بيَّنا ذلك.

على أنَّ الإباحة لا تقع إلا موقع الحَظر، وذلكَ في غيرِ العبادات، مثل: الأكلِ والشربِ، والُلبْس، والجماع، فأمَّا التعبدات، فلا تقعُ إلا بالاستدعاءِ؛ لأنها لا تقعُ ريَاءً ولا حَاجةً ولا عادةً، فأوَّلُ مراتبها، وأقلُّ مناصبها: الندبُ والاستحبابُ، دونَ التخليةِ والإطلاقِ، ولا يُبتدأ بها التكليفُ (٦) في الشرع، إلا بالاستدعاء والطلب، والاستعباد والامتحان، فأمَّا أنْ تقعَ على سبيل الإطلاق، فلا؛ لَأنها مُقَيّدَةٌ مِنْ


(١) تقدم تخريجه ٢/ ٢٦.
(٢) في الأصل: "عن".
(٣) في الأصل: "أراد به".
(٤) في الأصل: "أراد بقوله".
(٥) في الأصل: "ينتقل".
(٦) يمكن أن تقرأ في الأصل: "المتكلف" أو "التكلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>