للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الدَّلالةِ الثالثةِ بعد الكتابِ والسنةِ، وهي الإجماعُ

وقد مضى تحديدُه (١) بما أغنى عن إعادتِه، وهو ضربان: أحدُهما: ما ثبتَ بقول جميعِهم، كاتفاقهم على جواز البَيْعِ، والشرِكةِ، والمُضارَبةِ، وغيرِ ذلك من أحكام الشرع التي لم يَخْتلِفِ الناسُ في جوازِها.

فحكمُه: أن يُصارَ إليه وُيعمَلَ به، ولا يجوزُ تركُه بحال، إذ لا يَتسلطُ على حكمه بعد ثبوته نسخٌ؛ لأنه لاطريقَ إلى النسخ بعد انقطاعِ الوَحْي، ولا نَص يُعارِضُه، ولا لنا إجماعٌ يُعارِضه، بخلاف ما قلنا في النص الذي يعارضُه نص آخرُ؛ لاجتماع نَصيْنِ في زمنٍ واحدٍ؛ لأن النصَيْن يصدران عن عصرٍ يجتمعُ (٢) فيه النصان، وهو عصرُ النبوَّةِ، والإجماعُ لا يَتحققُ في عصر النبوَّةِ، والنص لا يبقى لنا مُجدداً في (٣) زمن الإجماعِ، فلذلك لم يُتصوَّرْ معارضتُه بنص -ولا إجماع، وامتناعِ إجماعين في عصر واحدٍ، ولأن الأمةَ معصومة في اتِّفاقها عن أن تُجمعَ على حكم ثبتَ فيه نص عن الله سبحانه أو عن رسولِه بخلاف اتِّفاقِهم.


(١) انظر الصفحة (٤٢) من الجزء الأول.
(٢) في الأصل: "يجمع".
(٣) عبارة الأصل: "ونص لا يبقى لنا مجدد"، ولعل الصواب كما أثبتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>