للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسقطُ بفعلِ واحدٍ منها أيّها فعل.

ومن ذلك قولهم: إنَه لو كانَ الواجبُ من المخيرّات واحداً لا بعينه، وأنه إنما تعين بفعلِ المكلفِ ونيتهِ، مع كونِ الله سبحانَه عالماً بما يختاره المكلفُ من الثلاثة وينويه، لكانَ ذلكَ معلوماً لله سبحانه، وهو الواجبُ عندَه، والمرادُ به له سبحانه، وأن يعلم أن غيره ليسَ بواجب، فيكونُ تخييره بين ما علم وجوبه، وبين ما علم أنه ليس بواجب، وما ليس بواجب، فهو النفلُ المتطوعُ به، وفي هذا خروج من إجماع الأمّة، فإن القائلينَ بأنَّ الواجبَ واحدٌ من الثلاثةِ لا يقولون: إنّ الواجبَ واحدٌ معين عندَ الله معلوم، وأنَّ غيرَه ليسَ بواجب.

فصل

يجمعُ الأجوبة عن شبههم

أمَّا تعلًقهم بتسويةِ الثلاثةِ في الأمرِ والإجزاء، فغيرُ موجب للكُلِّ، ولاللتسويةِ بينها في الوجوب، كما لم يوجب التسويةَ بينها في العقاب والمأثمِ عند الترك، ولا أوَجبَ التسويةَ بينها في إسقاطِ ما في الذّمةَ إذا جمع بين الكُلِّ في الفعل، ولأنَّ التخييرَ بلفظِ العموم، يتساوى فيه سائرُ الأعيانِ، فإنَّه لا يقول: أعتقْ عبداً من عبيدِك، واقتَل مشركاً من المشركين. إلا وكل عبدٍ يساوي غيرَه من العبيدِ، وكذلكَ المشركُ المنكرُ، ثم مع ذلك لم يقتضِ ذلك مساواتَهم في الإيجابِ، والمعنى في الأصل وهو المطلقُ، فذاكَ جمعٌ، وهذا تخييرٌ، وفرق بينهما، كما لو قال: اعتقْ عبيدَك، واقتل المشركين. اقتضى إيجابَ الجميعِ، ولو قال: اقتلْ مشركاً، وأعتقْ عبداً، لم يقتضِ إلا إيجابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>