{يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}[إبراهيم: ١٠]، وهو الأعلى، وقال:{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى}[الشعراء: ١٠]، وهو الأعلى، وقال:{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}[مريم: ٣]، وهو الأدنى، وقال:{ادْعُوا رَبَّكُمْ}[الأعراف: ٥٥]{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}[السجدة: ١٦]،.
والاقتِضاءُ نوعٌ من الطَّلَب، ولكنه بطلب القَضاءِ أخص.
فصل
والنَّهي: استِدعاءُ الأعلى التَّركَ من الدّونِ، أو ممن هو دونه (١).
ولك أنْ تقولَ في الأمرِ والنهي: استدعاءُ الفعل بالقولِ، أو استدعاءُ التركِ بالقَولِ من الدونِ، وتَستغني عن الأعلى.
وإن قلتَ: ممن دونَه. فلا بد من ذكرِ الأعلى في ذكرك الاستدعاء، لتعودَ الهاءُ إلى المذكور في الحَدِّ وهو الأعلى. وليس في قولِكَ: الدون، هَاءُ كنايةٍ تحتاج إلى عودِها إلى مذكورٍ ولا مُضمرٍ، وليس لنا في النهي ما يُوافقه من الأدنى إلّا الرَّغبةُ في التركِ، وهي إلاستِقالةُ، وسُؤالُ تَركِ فعل يسوء، أو يُؤلم، أو يَسوءُ المفعول به أو منه، ولكن لا يصرَّح به في حق اللهِ، فلا يُقال: سألتُ اللهَ أن يتركَ أَلميَ أو إيلاميَ، لكن يقال: سألتُ الله أن يُزيلَ أو يَرفَعَ، وأن يكفِيني، وأن يعصِمَني، وأن يَمنعَ عني.
وأما الزَّجرُ والكَف، فلا يَليقُ إلا بالآدميِّ مَع الآدميِّ، أو من اللهِ لغَيرِه أنْ يكونَ زاجراً وكافّاً، ولا يكونُ مَزجوراً كما لا يكون مَنهياً ولا مأموراً، إذ في ذلك استدعاءُ نوعِ عُنف وشِدة، وذلك يكون من الله
(١) سيورد المؤلف تعريفات أخرى للنهي عند كلامه على المناهي في ٣/ ٢٣٠.