للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن مع كثرتِهم، يَستنِدُ إلى نقلِ آحاد يسيرةٍ لا يقعُ العلمُ بخبرٍ هم، وكلامُنا في عددٍ كثيرٍ لا يتواطؤ أمثالُهم على كذب، يخبرون عن دركِ إحساسِهم، ولا يزالُ ينقلُه أمثالُهم إلى أن يصلَ إلينا على ذلك الوجهِ، لا يختلُّ الطرفان، ولا الوسطُ.

ومنها: أنَّ الإسلام والعدالة صفتان تحصلُ بهما الثقةُ إلى الخبرِ، فكانَ مشروطاً في المُخْبِرِ كصحَّةِ (١) العقلِ والحاسَّةِ.

فيقال: المخبرُ إنما يرقى عن إدراكه لما يخبرُ به؛ إما من طريق نفس إدراكه، وهم الأعداد الأُوَل المذكورون، أو عن غيرهم، وهم الطبقةُ الثانية، بإدراكِ ما سمعوه منهم، فإذا لم تكن حاسةٌ، انعدمَ الطريقُ، فصارَ خبره عن غيرِ حاسَّةٍ، ولا عقلٍ، يعني كالمخبرِ عن ميتٍ، أو جمادٍ، بأنه قال كذا، أو فعل كذا.

فأمَّا الكافرُ، فله دركٌ وحاسَّةٌ وعقل، فإذا كثُرَ العددُ المفرط الذي لا يحصرُه بلدٌ ولا عددٌ، استحالَ حبُّ جماعتِهم للكذبِ، سواء كانوا معتقدين لدينٍ، أو لم يكونوا معتقدين، فإنَّ (٢) الأمزجةَ والطباعَ لا تتفقُ على الكذبِ، مع التديُّنِ، وعدمِه.

فصل

يجوز ورود التعبد بخبر الواحد من طريق العقل (٣)، خلافاً لبعض


(١) في الأصل: "صحة".
(٢) في الأصل: "وإن".
(٣) ذكر ذلك القاضي في "العدة" ٣/ ٨٥٧، والكلوذاني في "التمهيد" =

<<  <  ج: ص:  >  >>