للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ أَرادَ الله بذلك نَفَعَه (١).

فقد بانَ بهذه الجملةِ الكافيةِ أَنَّ الصَّحابةَ رضوان الله عليهم مَثَّلُوا الأَحكامَ بغيرِها، وشَبَّهُوها بنَظائرِها، ورَدُّوها إِليها، وذلك مَحْضُ القِياسِ.

فقد جَمَعْنا بينَ دلائِلنا على جوازِ التًعبُّدِ به عَقْلاً وشَرْعاً، وبينَ العملِ به إجماعا.

فصل

في اعتراضاتِهم على ذلك

فمِن ذلك: أنَّ هذه كُلها أَخبارُ آحادٍ، وغايةُ ما تُعْطي الظنَّ، ونحن في إِثباتِ أَصلٍ لا نَقْنَعُ في إِثباتِه إلاَّ بأَدِلَّةٍ قَطعِيَّةٍ.

ومنها: أَنَّ جميعَها مردودٌ بما رَوَىُ عنِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه قال: "سَتَفْتَرِقُ أُمَّتي فِرَقاً، فأَعظمُهم فِتْنةً الذين يَقِيسُون الأُمورَ بالرَّايِ" (٢).

ورَوَى أَبو هريرةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّه قال: "تَعْمَلُ هذه الأُمَّةُ بُرْهَةً بكتابِ اللهِ، وبُرْهَة بسُنَّةِ رسولِ الله، وبُرْهَة بالرَّايِ، فإذا فَعَلُوا ذلك، ضَلُّوا وأَضَلُّوا" (٣) وهذا نصٌّ في الذمِّ على العملِ بالقياسِ.


(١) أخرجه نحوه أحمد (١٢٠٧) و (١٢١٧)، وانظر "الصواعق المحرقة" لابن حجر الهيتمي ٢/ ١١٦ - ١١٨.
(٢) أخرجه الحاكم في "المستدرك" ٤/ ٤٣٠، والخطيب في "تاريخ بغداد" ١٣/ ٣٠٧، من حديث عوف بن مالك.
(٣) أخرجه أبو يعلى (٥٨٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>