للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون الاسم أمارة.

فإن قيلَ: يجوزُ أن يكونَ الاسمُ وغيرُه منوطاً بهما حكمٌ واحدٌ كقوله: اشتر خبزاً وتمراً، وأكرم زيداً وعَمْراً. فإذا قال: أكرِم زيْداً، وسكت، لم يدُل ذلك على نفي كرامةِ عمروٍ، فأمَّا إذا قال: اشترِ خبزاً سميذاً، عُقِلَ من ذلك أنه ليس الخُشار عنده كالسميذ مع تقييده بالصفةِ المذكورةِ.

قيل: يحسُنُ أن يقولَ: اشترِ سَميذاً أو خُشاراً، كما يقول: أكرم زيداَ أو عَمراً، وإذا قال: أكرم زيدأ وسكتَ عن عمروٍ، دل على أنه ليسَ عمرو عنده كزيدٍ، كما أنه إذا قالَ: اشترِ خبزاً سميذاً وسَكت عن الخُشارِ، لم يكن ويقيدُم (١) بالسميذِ، والخُشارُ عنده والسميذُ سواءٌ.

فصل

ذكر أصحابُنا عن أحمدَ رضي الله عنه أنه جعلَ الفِعْلَ دليلاً (٢)، وأخذوه من قوله في رواية حنبل: لا يُصلَّى على القبر بعد شهر على ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم على قَبرِ أم سَعد (٣)، فجعل صلاته على قَبر أم سعدٍ بعدَ شهرٍ دليلاً على المنعِ من الصلاةِ على القبرِ بعد شهر، وليسَ في الخبرِ ما يدلُّ على ذلك (٤)؛ لأننا لا علمَ لنا، ماذا كان يَفْعلُ لو علمَ بموتها أوصادفَ قبرَها بعد الشهر، بخلافِ ما لو قال: صلوا على القبرِ شهراً، فإنه يُعقلُ منه المغايرةُ بين ما بينَ ذلكَ، وبين ما يزيدُ عليه من المدّةِ، فأمَّا فعلُه لذلكَ


(١) في الأصل: "تَقييده"،.
(٢) انظر "العدة" ٢/ ٤٧٨.
(٣) أخرجه الترمذي (١٠٣٨)، والبيهقي ٤/ ٤٨ من حديث سعيد بن المسيّب مرسلاً: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أُمَّ سعد بعدَ موتِها بشهر". قال البيهقي: هو مرسلٌ صحيح. وأخرجه البَيهقي من حديث ابن عباس موصولاً أنه قيلَ للرسول صلى الله عليه وسلم: لو صَليْتَ على أُم سعد، فصلى عليها وقد أتى لها شهر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم غائباً. "السنن الكبرى" ٤/ ٤٨ - ٤٩.
(٤) انظر "المسودة": ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>