فمنها: قولُه تعالى وذَكَرَ الأَنبياءَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠]، وهذا أمرٌ له - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداءِ بهم صلواتُ الله عليهم، والأمرُ على الوجوبِ، والاقتداءُ بهم على العمومِ في جميعِ ما جاؤوا بهِ من الهُدى، إلاَّ ما خصَّهُ الدليلُ الناسخُ.
فإنْ قيلَ: هذا يرجعُ إلى التوحيدِ، والاعتقادِ في اللهِ، وفي صفاتِهِ، وما يجبُ لهُ ويجوزُ عليه، وما يستحيلُ عليهِ ولا يجوزُ في حقِّهِ، والدليلُ على ذلك: أنَّ الفروعَ غيرُ متَّفِقَةِ، والاقتداءَ بهم فيها غيرُ ممكنِ؛ لأنًّ هذا يُحرِّمُ السبتَ، وهذا يُبيحُهُ ويُحرّمُ الأحدَ، وهذا يُحرِّمُ شحماً ويبيحُ غيرَهُ، وهذا يُبيحُ مِنَ الشحومِ ما حرَّمَهُ الآخرُ، وهذا يبيحُ حيواناً، وهذا يحرِّمُهُ، وهذا يحرِّمُ نكاحَ امرأةٍ يُبيحُها الآخرُ، والمتفقُ عليهِ ما ذكرْناهُ.
والثاني: أنَّ الاعتقادَ في الأصول مقطوع بهِ بما قامَتْ بهِ دلالةُ العقلِ وبرهانُهُ، وغيرُهُ مِنْ فروع أديانِهم غيرُ مقطوعٍ بهِ، بل الحكمُ بهِ مِنْ طريقِ غلبةِ الظنِّ.
فيقال: أمَّا التوحيدُ: فأدلتُهُ العقليّهُ لا يدخلُها اتباع ولا اقتداءٌ فيما دلَّتْ عليهِ العقولُ، و [ما في] شَريعَتِنا [مِمَّا] دلَّتْ عليهِ العقولُ في