اعلم أن القياسَ الصحيحَ: هو الجمع بين الشيئينِ اللَّذينِ يَشهدُ كلُّ واحدٍ منهما بالحكمِ على الحقيقةِ.
والقياس الفاسدُ: هو الجمع بين الشيئين اللَّذينِ يشهد كلُّ واحدٍ منهما بالحكمِ على التَّخيُلِ دون الحقيقةِ.
ولا يعتَبر بصحةِ الشاهدِ في نفسهِ في هذا الباب، وإنما المعتَبَرُ بأنه يشهد على الحقيقةِ كما يشهد قرينه، إمَّا بمثلِ الحَكمِ أو بنظيرِه.
فقياسُ اللطفِ على التكليفِ في أنه إذا لم يَجبِ اللطف لمن المعلوم أنه لا ينتفعُ به، لم يجبْ تكليف مَنِ المعلومُ أنه لا ينتفعُ به، وإذا لم يكنِ التمكينُ من فعلِ الظلم قبيحاً من جهة الصانعِ جلَّت عظمته، لم يكن القضاء بالظلمِ قبيحَاً منه سبحانه، فهذا مثالٌ على مذهبِ أهل السُّنَّةِ، وهذا قياسٌ صحيحٌ عندنا.
والمثال على مذهبِ غيرِنا: إذا جازتِ الإِرادة للظلمِ، جاز الأمر بالظلمِ من الحكيمِ مع ما فيها من الاستدعاءِ للظلمِ، فهذا قياسٌ صحيح، وإن كان الأصلُ الذي قِيسَ عليه فاسداً.
فأمَّا قياس التَّمكين على التَّوفيقِ فخطأ؛ وذلك أنه إذا قال القائل للجمع بينهما: إذا جازً أن لا يُعطى الكافر التوفيقَ للإِيمان، جاز أن لا يعطى التَمكينَ من الِإيمانِ؛ من قِبَل أنه إذا كان معلوماً فيه أنه لا ئؤمِن عند شيء ولا يوفَّقُ له، فيعطاة أوَ يحرَمه، وليس كذلك التمكينُ من الِإيمانِ؛ لأنه لم يَكنْ ممكَناً من الإيمانِ، من أجلِ أن الِإيمانَ يَقع