للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتيممِ، فإنّها مشروطةٌ نطقاً بقولِه: "الترابُ كافيك ما لمْ تجدِ الماءَ" (١)، والإجماعُ فيمَنْ لم يجد الماء، فليس مكان الإجماع مكان الخلاف، فالإجماع على مَن لم يجد الماء، والخلاف فيمَن وَجَدَه، وهنا إجماعُهم حصلَ على تسويغ الخلافِ في الحادثةِ على الإطلاقِ.

وأمّا قولُهم: ليسوا كالأحياءِ، بدليلِ ما ذكروهُ مِن جوازِ حدوثِ خلافٍ في حوادثَ، فإنّما هم كالأحياءِ عندنا فيما أفتَوا فيهِ، فأمّا فيما لم يفْتوا فيهِ وحَدَثَ بعدَهم [فلا]، وهذا كما نقولُ: إنّهم إذا أجمعوا على قولِ واحدٍ، ثُمّ ماتوا، عُمِلَ بأقوالِهم بعدَ الموتِ، فوجبَ المصيرُ إليهِ كما لو كَانوا أحياءً فأفتوا بذلك ثُمّ لم يُجعلوا كالأحياءِ فيما يحدث بعدَهم (٢) مِن الحوادثِ، فكذلكَ ما اختَلفُو افيهِ مثله.

فصل

في شُبَهِ المخالفينَ

فمنها: قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥].

ومنها: ما رويَ عنِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "أمتي لا تجتمعُ على خطأٍ،


(١) أخرجه أحمد ٥/ ١٤٦، وأبو داود (٣٣٢) (٣٣٣)، والترمذي (١٢٤)، والنسائي ١/ ١٧١، من حديث أبى ذر.
(٢) في الأصل: "بعده".

<<  <  ج: ص:  >  >>