للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنسِ قد عُلِمَ وعُرِفَ، وبهم حاجةٌ إلى أن يضعوا له صيغةً، كما وضعوا لجميعِ المسمَيات من الأسماءِ، وكما وضعوا للخبرِ، والاستخباير، والتمني، والترخي، والنداءِ، وجميعِ ما احتاجوا إليه، وضعوا له لفظاً يُنبىءُ عنه ويدل عليه، ومعلومٌ شدةُ حاجتِهم إلى التعبيرِ عن الجموعِ والأعدادِ في أمرِ دينهم ودنياهم، فكيفَ يُنسبونَ إلى الغفلةِ عن الوضعِ للعمومِ صيغة تخصُّه؛ ولا لفظ أحق بذلكَ من الألفاظِ التي حصرناها، والضيغ التي سطَرناها في صدرِ كتابِنا هذا (١). فثبتَ أنها هي الموضوعةُ للعمومِ، المقتضيةُ للاستغراقِ والشمولِ.

فصل

في الأسئلة محلى هذه الطريقةِ

فمنها: أنَ هذا إثباتُ لغةٍ باستدلالٍ، وليس للغةِ طريقٌ سوى النقلِ، ولا نقلَ يعطي ما ذكرتم. وفي طريقتكم هذه سَوْرَة (٢) على العرب، وإيجابٌ عليهم أن يضعوا، وما وضعوا، وليسَ ذلكَ بواجبٍ عليهم، ولاهم معصومون (٣) في الوضعِ، بحيثُ لا يخلون بما ينبغي منه.

ومنها: أنهم قد وضعوا ألفاظاً كثيرةً صالحةً له، وتأكيداتٍ تنبىءُ عنه، ودلائلَ أحوالٍ تدُلُّ علي الألفاظِ الصالحة بأنَّ المرادَ بها العمومُ. وفي ذلكَ غنىً عن الوضعِ المقتضي للعمومِ.

ومنها: أنَّهم قد أغفلوا أشياء، فلا نَأمنُ أن يكونَ هذا من جملةِ ما أعْفلوه. فمن ذلكَ؛ أنهم وضعوا للفعل الماضي: ضربَ، وللمستقبلِ: يضربُ وسيضربُ، ولم يضعوا


(١) انظر ما تقدم في ١/ ٣٥.
(٢) في الأصل: "مسورة"، ولم يتضح معناها، ولعل المثبت هو الصواب، والسورة: السطوة، يقال: سورة السلطان: سطوته واعتداؤه."اللسان": (سور).
(٣) في الأصل: "معصومين".

<<  <  ج: ص:  >  >>