للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذبتَ، ولو قال: أمرتُ بالماءِ، لم يكنْ جوابهُ: صدقتَ أو كذبتَ.

وأما المكرُ، فلا يكونُ مستحيلًا، ولا خارجاً عن الأمرِ، لأنه لم ينعدمْ سوى العلمِ بعاقبةِ الأمرِ، هل تحصُلُ من المأمورِ استجابةً، أو لا تحصلُ؟ والآمرُ ممتحن لحالهِ بأمرِه إيَّاه، ولو عُدمَ الأمرُ لأجلِ الجهالةِ بالائتمارِ، لوجبَ أنْ يكونَ من شرطِ الأمرِ علم الآمرِ بطاعةِ المأمورِ، ولا أحدٌ شرطَ ذلك.

وأما قولُهم: أنَّ أفعالَ الإنسان وهيئاته تقعُ صورةً، ويصح وجودها مع الذهول، وهذا الأمرُ يحتاجُ إلى استدعاءٍ ولا بُدٌّ من داعٍ وإرادةٍ، فليسَ بكلامٍ صحيح، لأن كلُّ واحدٍ، من صورةِ الفعل، وصيغة اللفظ، لا بُدَّ له من إرادةٍ للفظِ والهيئة، إذ ما يقعُ بغير إرادةٍ له تخصُّه يكَون عبثاً، ومن حيثُ كونُها صيغةً، وكونُ القيام حالةً، وصورةً لا يحتاجُ إلى إرادةٍ، بل قد يبقى من السَّاهين والذَّاهلين.

فصل

في جَمْعِ شُبَه المُخالفين فيها

قالوا: ترِدُ هذه الصيغةُ للإيجابِ، وتردُ للنَّدب، وتردُ للتحدّي وللتعجيز، وتردُ للتهديد، وتردُ للتكوين، فلا يفصْلُ الأمرُ بها عما ليس بأمرٍ الأ بالإرادةِ، فعلِمنا أنَّ الإرادةَ شرط في كون هذه الصيغة أمراً، وصارت كالأسماءِ المشتركة.

قالوا: ولأله لا فرقَ عند حكماءِ العرب بَيْنَ قولِ القائل لعبدِه: افعلْ. وبَيْنَ قولِه: أريدُ أنْ تفعلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>