للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى غيرِ غايةٍ، فإنَّ قولَنا: رجالٌ. يقعُ على ألفٍ، لو فُسِّرَ بها، كما يقعُ على ثلاثةٍ، فجاءت الشركةُ في الجمعِ، فصاركسائر الأسماءِ المشتَركةِ.

فيقال: لنا مُتَيقَّنٌ أقل؛ وهو الثلاثة، فلا توقُعَ للشَّركةِ إلا في محلِّ الاشتباهِ، وهو ما زادَ على الثلاثةِ، كما يعطي الحمارُ والشجاعُ حقيقتَه عند الإطلاقِ، فيتركُ المجازُ والاتساعُ لما تقومُ عليه الدلالةُ لنقلِه عما وُضِعَ له.

فصل

ومن دلائلنا: أنَّا أجمعنا وإياهم على أنَ الاستئناءَ حُبسَ دخولُه عل هذهِ الصيغِ الموضوعةِ عندنا للعموم، فقالت العربُ: جاء بنو تميمٍ إلا زيداً (١)، ومن دخل داري فأكرِمْهُ إلا المجرمَ، وأعطِ فقراءَ بني تميم إلا الجبناءَ، واذبَحْ إبلي إلا العجافَ. وهذا يدُلّ على أنَّ الصيغَة موضوعةٌ للعمومِ؛ لأن الاستثناء إنما يُخرجُ ما لولاه لدخلَ تحتَ اللفظِ.

يوضِّحُ ذلكَ في الأعدادِ قولُهم: لهم عليَّ عشرةُ دراهمَ إلا درهماً (٢). فيكونُ بالالستثناءِ إقرارٌ بتسعةٍ، ولولاه لدخلَ العاشر فإذا بانَ بدخولِ الاستئناءِ أنَّه لولاهُ لكانَ داخلاً شاملاً؛ عُلمَ بذلكَ أنه مع عدمِ الاستثناءِ موضوعٌ للشمولِ والعمومِ.

والذي يكشفُ عن هذا: أنَّ الاستثناءَ لم يحسُن من غيرِ الجنسِ لما لم يكن داخلاً تحتَ عمومِ اللفظِ، فاستقبحَ أن تقولَ: رأيتُ الناسَ إلا حماراً. فلمّا حسُنَ أن يخرجَ بالاستثناءِ كل اسمٍ من الجنسِ المذكورِ في الصِّيغة؛ عُلِمَ أنَّ الصيغةَ شملت، وأنَّ الجنسَ بآحادِه دخلَ، فَحَسُنَ الاستثناءُ لمكانِ اقتضاءِ دخوله (٣).


(١) في الأصل: "زيد".
(٢) في الأصل: "درهم".
(٣) انظر "التمهيد" لأبي الخطاب ٢/ ٢٠ - ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>