للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليسَ بأكثر مِن أنّه ضُعِّفَ بكونِه مبنياً على غيرِه، وهذا لا يمنعُ إسنادَ الإجماع إليهِ كخبرِ الواحدِ دلالةٌ ظنِّيةٌ، فجُوِّزَ على راويها الكذبُ، ولم يمنعْ كونها ضعيفةً أن يستندَ الاجماع إليها.

وأمّا قولهم: القياسُ منزوع عنه وغيرُ مقطوع به، فقد تقدَّم أنه ليس فِى هذا القياس المجمع على كونِه أمارةً للحكمِ المتفًقِ عليه، فإنه زالَ عن كونِه متردداً، وإنما ذلك القياسُ في الأصلِ، فهوَ كخبرِ الواحدِ مظنون في كلِّ خبرٍ على انفرادِهِ، فإذا انتهتْ آحاده إلى عددِ التواترِ، خرجَ عن الظنِّ إلى القطع، على أنّه يَبطُلُ بخَبَر الواحدِ، فإنّه قد يَنزِع عنهُ الراوي ويردّه المرويُّ له لنوع مان وعارضٍ، أو غامض تأويلٍ يصرفُ إليه دليل، ولا يمنعُ ذلك بناءَ الإجماع عليه وردَّه إليهِ.

فصل

لا اعتبارَ بقولِ العامّةِ في الإجماع، ولا اعتدادَ بخلافِهم، هذا مقتضى الدليلِ عندي، وذكرَ شيخُنا (١) أنّه مذهبُ أحمدَ -رضيَ الله عنهُ- وذكرَ عنه ما ليسَ بمأخذٍ للمذهبِ؛ لأنه قال: رويَ عن أحمدَ أنه قال في روايةِ ابنِ القاسمِ، وذُكرَ له عن شريح وابنِ سيرينَ، فقال: هؤلاءِ لا يكونون حجّة على مَنْ كانَ مِثلَهم (٢) مِن التّابعينَ، كيفَ مَن قبلَهم مِنْ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟!


(١) يعني أبا يعلى الفرَّاء، انظر "العدة" ٤/ ١١٣٣.
(٢) في الأصل: "قبلهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>